وَالْحِمَايَةِ لَهَا حِمَايَةُ هَؤُلَاءِ السُّكَّانِ فَوْقَ حِمَايَةِ الْأَرْضِ وَسِكَّةِ الْحَدِيدِ، وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ مِنَ الْمَنَافِعِ الِاقْتِصَادِيَّةِ، وَالْمَصَالِحِ السِّيَاسِيَّةِ - أَعْنِي أَنَّ هَذِهِ الْبُقْعَةَ الْعَظِيمَةَ مِنْ وَطَنِ الْحِجَازِ الْإِسْلَامِيِّ الْعَرَبِيِّ يُخْشَى أَنْ يَخْرُجَ بِهَا الْحِجَازُ كُلُّهُ عَنْ كَوْنِهِ عَرَبِيًّا أَوْ إِسْلَامِيًّا، كَمَا يَدَّعُونَ الْآنَ فِي فِلَسْطِينَ.
أَقُولُ: إِنْ تَمَّ لِهَذِهِ الدَّوْلَةِ مَا ذُكِرَ ; لِأَنَّهُ لَمَّا يَتِمَّ لَهَا ذَلِكَ (وَلَنْ يَتِمَّ إِنْ شَاءَ اللهُ) فَإِنَّ مَلِكَ الْحِجَازِ وَنَجْدٍ عَارَضَهَا فِي دَعْوَى إِلْحَاقِ هَذِهِ الْمِنْطَقَةِ بِحُكُومَةِ شَرْقِيِّ الْأُرْدُنِّ، وَلَكِنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى إِرْجَاءِ الْبَتِّ النِّهَائِيِّ فِي أَمْرِهَا بِضْعَ سِنِينَ، وَقَدْ أَجْمَعَتْ كَلِمَةُ الْمُؤْتَمَرِ الْإِسْلَامِيِّ الْعَامِّ الَّذِي عُقِدَ فِي مَكَّةَ الْمُكَرَّمَةِ سَنَةَ ١٣٤٤ عَلَى إِنْكَارِ إِلْحَاقِ هَذِهِ الْمِنْطَقَةِ بِشَرْقِيِّ الْأُرْدُنِّ وَوُجُوبِ جَعْلِهَا تَابِعَةً لِلْحِجَازِ، وَتَكْلِيفِ الْمَلِكِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بِمُطَالَبَةِ هَذِهِ الدَّوْلَةِ بِإِعَادَتِهَا إِلَى الْحِجَازِ، وَاتِّخَاذِ كُلِّ الْوَسَائِلِ الْمُمْكِنَةِ لِذَلِكَ، وَيَجِبُ عَلَى كُلِّ الْعَالَمِ الْإِسْلَامِيِّ أَنْ يُطَالِبَهُ بِذَلِكَ وَيُؤَيِّدَهُ فِيهِ.
هَذَا مُجْمَلُ مَا يَدُورُ فِيهِ الْبَحْثُ بَيْنَ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالرَّأْيِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِي الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ وَالْآرَاءِ السِّيَاسِيَّةِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، وَالْحُكُومَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا فِي مَنْصِبِ الْإِمَامَةِ (الْخِلَافَةِ) وَمَا يَجِبُ عَلَى الْعَالَمِ الْإِسْلَامِيِّ مِنَ السَّعْيِ لِذَلِكَ، وَإِلَّا كَانَ جَمِيعُ الْمُسْلِمِينَ عُصَاةً لِلَّهِ تَعَالَى مُسْتَحِقِّينَ لِعِقَابِهِ فِي الْآخِرَةِ، كَمَا وَقَعَ عَلَيْهِمْ عِقَابُهُ فِي الدُّنْيَا بِالذُّلِّ وَالنَّكَالِ، بِفَقْدِ السِّيَادَةِ وَالِاسْتِقْلَالِ، الَّذِي عَمَّ جَمِيعَ الشُّعُوبِ وَالْأَجْيَالِ، إِلَّا هَذِهِ الْبَقِيَّةَ الْقَلِيلَةَ الْفَقِيرَةَ مِنَ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ، وَهِيَ مُهَدَّدَةٌ فِي كُلِّ آنٍ بِالْخَطَرِ، وَهَذَا السَّعْيُ الْوَاجِبُ لَا يُرْجَى نَجَاحُهُ إِلَّا بِنِظَامٍ سِرِّيٍّ مُحْكَمٍ يُرَاعَى فِيهِ
حَالُ الزَّمَانِ، وَاخْتِلَافُ اسْتِعْدَادِ الشُّعُوبِ الْإِسْلَامِيَّةِ الْمُخْتَلِفَةِ الْحُكُومَاتِ وَالْمَذَاهِبِ وَالْمَشَارِبِ، تَقُومُ بِهِ جَمْعِيَّاتٌ دِينِيَّةٌ وَسِيَاسِيَّةٌ وَخَيْرِيَّةٌ، تُوَجِّهُ جُهُودَهَا كُلَّهَا إِلَى غَرَضٍ وَاحِدٍ لَا يَعْرِفُ حَقِيقَتَهُ إِلَّا أَفْرَادٌ قَلِيلُونَ مِنَ الْقَائِمِينِ بِهَا.
وَأَمَّا الْأَمْرُ الْجَهْرِيُّ الَّذِي يَجِبُ عَلَى الْعَالَمِ الْإِسْلَامِيِّ فِي جُمْلَتِهِ وَمُخْتَلِفِ شُعُوبِهِ السَّعْيُ لَهُ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ فَهُوَ صِيَانَةُ الْحِجَازِ مِنَ النُّفُوذِ الْأَجْنَبِيِّ الَّذِي يُهَدِّدُهُ بِاسْتِيلَاءِ دَوْلَتِيِ انْكِلْتِرَهْ وَفَرَنْسَةَ عَلَى سِكَّةِ الْحَدِيدِ الْحِجَازِيَّةِ، وَبِإِلْحَاقِ مِنْطَقَةِ الْعَقَبَةِ وَمَعَانٍ شَرْقِيَّ الْأُرْدُنِّ الْوَاقِعِ تَحْتَ السَّيْطَرَةِ الْإِنْكِلِيزِيَّةِ، بَلْ يَجِبُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يَفْعَلَ كُلَّ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ السَّبِيلِ مِنْ عَمَلٍ إِيجَابِيٍّ أَوْ سَلْبِيٍّ بِالِانْفِرَادِ أَوِ الِاشْتِرَاكِ مَعَ غَيْرِهِ، وَمِنْهُ الْمُقَاطَعَةُ التِّجَارِيَّةُ وَغَيْرُهَا وَبَثُّ الدَّعَايَةِ لِذَلِكَ. أَعْنِي أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute