للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هَذَا الْقَوْلِ مِنَ الْوَثَنِيِّينَ الْقُدَمَاءِ، وَهُوَ مِنْ مُعْجِزَاتِ الْقُرْآنِ: وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا مُفْصَلًا فِي تَفْسِيرِ سُورَتَيِ النِّسَاءِ وَالْمَائِدَةِ.

عُزَيْرٌ هَذَا هُوَ الَّذِي يُسَمِّيهِ أَهْلُ الْكِتَابِ (عِزْرَا) وَالظَّاهِرُ أَنَّ يَهُودَ الْعَرَبِ هُمُ الَّذِينَ صَغَّرُوا بِالصِّيغَةِ الْعَرَبِيَّةِ لِلتَّحْبِيبِ وَصَرَفُوهُ، وَعَنْهُمْ أَخَذَ الْمُسْلِمُونَ، وَالتَّصَرُّفُ فِي أَسْمَاءِ الْأَعْلَامِ الْمَنْقُولَةِ مِنْ لُغَةٍ إِلَى أُخْرَى مَعْرُوفٌ عِنْدَ جَمِيعِ الْأُمَمِ، حَتَّى إِنَّ اسْمَ " يَسُوعَ " قَلَبَتْهُ الْعَرَبُ فَقَالَتْ " عِيسَى " وَهُوَ كَمَا فِي أَوَّلِ الْفَصْلِ السَّابِعِ مِنَ السِّفْرِ الْمَعْرُوفِ بِاسْمِهِ عِزْرَا بْنِ سَرَايَا بْنِ عِزْرِيَا بْنِ حِلْقِيَا - وَسَاقَ نَسَبَهُ إِلَى الِعَازَارِ بْنِ هَارُونَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) .

جَاءَ فِي دَائِرَةِ الْمَعَارِفِ الْيَهُودِيَّةِ الْإِنْكِلِيزِيَّةِ (طَبْعَةَ ١٩٠٣) أَنَّ عَصْرَ عِزْرَا هُوَ رَبِيعُ التَّارِيخِ الْمِلِّيِّ لِلْيَهُودِيَّةِ الَّذِي تَفَتَّحَتْ فِيهِ أَزْهَارُهُ وَعَبَقَ شَذَا وَرْدِهِ. وَأَنَّهُ جَدِيرٌ بِأَنْ يَكُونَ هُوَ نَشْرَ الشَّرِيعَةِ (وَفِي الْأَصْلِ عَرَبَةَ أَوْ مَرْكَبَةَ الشَّرِيعَةِ) لَوْ لَمْ يَكُنْ جَاءَ بِهَا مُوسَى (التِّلْمُودَ، ٢١ ب) فَقَدْ كَانَتْ نُسِيَتْ وَلَكِنَّ عِزْرَا أَعَادَهَا

أَوْ أَحْيَاهَا، وَلَوْلَا خَطَايَا بَنِي إِسْرَائِيلَ لَاسْتَطَاعُوا رُؤْيَةَ الْآيَاتِ (الْمُعْجِزَاتِ) كَمَا رَأَوْهَا فِي عَهْدِ مُوسَى اهـ. وَذُكِرَ فِيهَا أَنَّهُ كَتَبَ الشَّرِيعَةَ بِالْحُرُوفِ الْأَشُورِيَّةِ وَكَانَ يَضَعُ عَلَامَةً عَلَى الْكَلِمَاتِ الَّتِي يَشُكُّ فِيهَا - وَأَنَّ مَبْدَأَ التَّارِيخِ الْيَهُودِيِّ يَرْجِعُ إِلَى عَهْدِهِ.

وَقَالَ الدُّكْتُورُ جُورْجْ بُوسْتْ فِي قَامُوسِ الْكِتَابِ الْمُقَدَّسِ: عِزْرَا (عَوْنٌ) كَاهِنٌ يَهُودِيٌّ وَكَاتِبٌ شَهِيرٌ سَكَنَ بَابِلَ مُدَّةَ مُلْكِ (ارْتَحْشِشْتَا) الطَّوِيلِ الْبَاعِ، وَفِي السَّنَةِ السَّابِعَةِ لِمُلْكِهِ أَبَاحَ لَعِزْرَا بِأَنْ يَأْخُذَ عَدَدًا وَافِرًا مِنَ الشَّعْبِ إِلَى أُورْشَلِيمَ نَحْوَ سَنَةِ ٤٥٧ ق. م (عِزْرَا ص٧) وَكَانَتْ مُدَّةُ السَّفَرِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ.

(ثُمَّ قَالَ) وَفِي تَقْلِيدِ الْيَهُودِ يَشْغَلُ عِزْرَا مَوْضِعًا مُهِمًّا يُقَابَلُ بِمَوْضِعِ مُوسَى وَإِيلِيَّا وَيَقُولُونَ: إِنَّهُ أَسَّسَ الْمَجْمَعَ الْكَبِيرَ، وَأَنَّهُ جَمَعَ أَسْفَارَ الْكِتَابِ الْمُقَدَّسِ، وَأَدْخَلَ الْأَحْرُفَ الْكَلْدَانِيَّةَ عَوْضَ الْعِبْرَانِيَّةِ الْقَدِيمَةِ، وَأَنَّهُ أَلَّفَ أَسْفَارَ الْأَيَّامِ وَعِزْرَا وَنِحْمِيَا.

(ثُمَّ قَالَ) وَلُغَةُ سِفْرِ عِزْرَا مِنْ ص٤: ٨ - ٦: ١٩ كَلْدَانِيَّةً، وَكَذَلِكَ ص٧: ١ - ٢٧ وَكَانَ الشَّعْبُ بَعْدَ رُجُوعِهِمْ مِنَ السَّبْيِ يَفْهَمُونَ الْكَلْدَانِيَّةَ أَكْثَرَ مِنَ الْعِبْرَانِيَّةِ اهـ.

وَأَقُولُ: إِنَّ الْمَشْهُورَ عِنْدَ مُؤَرِّخِي الْأُمَمِ حَتَّى أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْهُمْ أَنَّ التَّوْرَاةَ الَّتِي كَتَبَهَا مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ وَوَضَعَهَا فِي تَابُوتِ الْعَهْدِ أَوْ بِجَانِبِهِ (تث ٣١: ٢٥، ٢٦) قَدْ فُقِدَتْ قَبْلَ عَهْدِ سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَإِنَّهُ لَمَّا فُتِحَ التَّابُوتُ فِي عَهْدِهِ لَمْ يُوجَدْ فِيهِ غَيْرُ اللَّوْحَيْنِ الَّذَيْنِ كُتِبَتْ فِيهِمَا الْوَصَايَا الْعَشْرُ كَمَا تَرَاهُ فِي سِفْرِ الْمُلُوكِ الْأَوَّلِ، وَأَنَّ (عِزْرَا) هَذَا هُوَ الَّذِي كَتَبَ التَّوْرَاةَ وَغَيَّرَهَا بَعْدَ السَّبْيِ بِالْحُرُوفِ الْكَلْدَانِيَّةِ وَاللُّغَةِ الْكَلْدَانِيَّةِ الْمَمْزُوجَةِ بِبَقَايَا اللُّغَةِ الْعِبْرِيَّةِ الَّتِي نَسِيَ الْيَهُودُ مُعْظَمَهَا. وَيَقُولُ أَهْلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>