الْكِتَابِ: إِنَّ (عِزْرَا) كَتَبَهَا كَمَا كَانَتْ بِوَحْيٍ أَوْ بِإِلْهَامٍ مِنَ اللهِ. وَهَذَا مَا لَا يُسَلِّمُهُ لَهُمْ غَيْرُهُمْ وَعَلَيْهِ اعْتِرَاضَاتٌ كَثِيرَةٌ مَذْكُورَةٌ فِي مَوَاضِعِهَا مِنَ الْكُتُبِ الْخَاصَّةِ بِهَذَا الشَّأْنِ حَتَّى مِنْ تَآلِيفِهِمْ كَذَخِيرَةِ الْأَلْبَابِ لِلْكَاثُولِيكِ وَأَصْلُهُ فَرَنْسِيٌّ، وَقَدْ عَقَدَ الْفَصْلَيْنِ الْحَادِيَ عَشَرَ وَالثَّانِيَ عَشَرَ لِذِكْرِ بَعْضِ الِاعْتِرَاضَاتِ عَلَى كَوْنِ الْأَسْفَارِ الْخَمْسَةِ لِمُوسَى، وَمِنْهَا قَوْلُهُ:
(٧ - جَاءَ فِي سِفْرِ عِزْرَا ٤ ف ١٤ عَدْ ٢١) أَنَّ جَمِيعَ الْأَسْفَارِ الْمُقَدَّسَةِ حُرِّقَتْ بِالنَّارِ فِي عَهْدِ نُبُوخَذْ نَصْرَ حَيْثُ قَالَ: " إِنِ النَّارَ أَبْطَلَتْ شَرِيعَتَكَ فَلَمْ يَعُدْ سَبِيلٌ لِأَيِّ امْرِئٍ أَنْ يَعْرِفَ مَا صَنَعَتْ " اهـ. وَيُزَادُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ عِزْرَا أَعَادَ بِوَحْيِ الرُّوحِ الْقُدُسِيِّ تَأْلِيفَ الْأَسْفَارِ الْمُقَدَّسَةِ الَّتِي أَبَادَتْهَا النَّارُ وَعَضَّدَهُ فِيهَا كَتَبَةٌ خَمْسَةٌ مُعَاصِرُونَ. وَلِذَلِكَ تَرَى ثِرْثُولْيَانُوسْ، وَالْقِدِّيسَ ايرْيَنَاوْسْ، وَالْقِدِّيسَ ايْرُونِيمُوسْ، وَالْقِدِّيسَ يُوحَنَّا الذَّهَبِيَّ، وَالْقِدِّيسَ بَاسِيلْيُوسَ وَغَيْرَهُمْ يَدَّعُونَ عِزْرَا مُرَمِّمَ الْأَسْفَارِ الْمُقَدَّسَةِ الْمَعْرُوفَةِ عِنْدَ الْيَهُودِ اهـ.
ثُمَّ أَجَابَ الْمُؤَلِّفُ عَنْ هَذَا الِاعْتِرَاضِ بِأَنَّ السِّفْرَ الرَّابِعَ مِنْ سِفْرِ عِزْرَا (كَذَا) لَيْسَ بِقَانُونِيٍّ، وَأَنَّ نُسَخَ الْكِتَابِ الْمُقَدَّسِ لَمْ تَكُنْ كُلُّهَا " مَحْفُوظَةً فِي الْهَيْكَلِ أَوْ فِي أُورْشَلِيمَ، وَأَنَّ الْآبَاءَ الْقِدِّيسِينَ الَّذِينَ اسْتَشْهَدَ الْمُعْتَرِضُونَ بِأَقْوَالِهِمْ إِنَّمَا يُؤْخَذُ بِتَعْلِيمِهِمْ لَا بِرَأْيِهِمْ، قَالَ " يَسْتَحِيلُ أَنْ يَكُونَ رَأْيُهُمْ غَيْرُ التَّعْلِيمِيِّ غَيْرَ مُصِيبٍ ; إِلَّا أَنَّ الْأَظْهَرَ أَنَّهُمْ إِذْ سَمَّوْا عِزْرَا مُرَمِّمَ الْأَسْفَارِ الْمُقَدَّسَةِ إِنَّمَا أَرَادُوا أَنَّ هَذَا النَّبِيَّ بَعْدَ السَّبْيِ الْبَابِلِيِّ جَمَعَ كَلَّ مَا تَمَكَّنَ مِنْ جَمْعِهِ مِنْ نُسَخِ الْكِتَابِ الْمُقَدَّسِ، وَقَابَلَهَا وَجَعَلَ مِنْهَا مَجْمُوعًا مُنَقَّحًا مُجَرَّدًا عَنِ الْأَغْلَاطِ الَّتِي كَانَتْ قَدِ انْدَسَّتْ فِيهِ اهـ. وَنَقُولُ: إِنَّ هَذِهِ الْأَجْوِبَةَ تَأْوِيلٌ لِأَقْوَالِ الْقِدِّيسِينَ الْمَذْكُورِينَ لَا تَدُلُّ عَلَيْهِ، وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ تَعْلِيمَهُمْ كَانَ مُخَالِفًا لِرَأْيِهِمْ، وَاحْتِمَالَاتٌ وَدَعَاوَى فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ، دَلِيلٌ عَلَيْهَا ; إِذْ لَمْ يَنْقُلْ أَحَدٌ أَنَّهُ كَانَ يُوجَدُ قَبْلَ عِزْرَا كِتَابٌ اسْمُهُ الْكِتَابُ الْمُقَدَّسُ، وَلَا أَنَّ أَسْفَارَ مُوسَى كَانَ يُوجَدُ مِنْهَا نُسَخٌ مُتَعَدِّدَةٌ، وَفِي التَّارِيخِ أَنَّ مَا كَتَبَهُ عِزْرَا مِنْهَا قَدْ فُقِدَ أَيْضًا، وَكَانَ يُوجَدُ فِيهِ الْأُلُوفُ مِنَ الْأَلْفَاظِ الْبَابِلِيَّةِ - وَعِبَارَاتٌ كَانَ عِزْرَا يَشُكُّ فِيهَا - وَأَغْلَاطٌ كَثِيرَةٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا عِنْدَ أَهْلِ الْكِتَابِ، يَتَمَحَّلُونَ فِي الْأَجْوِبَةِ عَنْهَا، فَنُسْخَةُ عِزْرَا لَيْسَتْ عَيْنَ الشَّرِيعَةِ الَّتِي كَانَ كَتَبَهَا مُوسَى قَطْعًا.
وَقَدْ جَاءَ فِي ص١٦٧ مِنَ الْجُزْءِ الْأَوَّلِ مِنْ إِظْهَارِ الْحَقِّ (طَبْعَةَ الْآسِتَانَةِ)
بَعْدَ نَقْلِ نَحْوٍ مِمَّا ذُكِرَ عَنْ سَفَرِ عِزْرَا وَإِحْرَاقِ التَّوْرَاةِ وَجَمْعِ عِزْرَا لَهَا بِإِعَانَةِ رُوحِ الْقُدُسِ - مَا نَصُّهُ: " وَقَالَ كِلِيمْنِسْ اسْكَنْدَرْ يَانُوسَ: إِنَّ الْكُتُبَ السَّمَاوِيَّةَ ضَاعَتْ فَأُلْهِمَ عِزْرَا أَنْ يَكْتُبَهَا مَرَّةً أُخْرَى اهـ. وَقَالَ ترتولينُ: الْمَشْهُورُ أَنَّ عِزْرَا كَتَبَ مَجْمُوعَ الْكُتُبِ بَعْدَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute