((عُضْوًا مِنْ أَعْضَائِهِ مِنَ النَّارِ حَتَّى فَرْجُهُ بِفَرْجِهِ)) وَحَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: ((إِيمَانٌ بِاللهِ وَجِهَادٌ فِي سَبِيلِهِ)) قُلْتُ: فَأَيُّ الرِّقَابِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: ((أَغْلَاهَا ثَمَنًا وَأَنْفَسُهَا عِنْدَ أَهْلِهَا)) الْحَدِيثَ.
وَمِنْهَا حَدِيثُ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ الَّذِي رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ كُلُّهُمْ إِلَّا مَالِكًا ((أَيُّمَا رَجُلٍ كَانَتْ لَهُ جَارِيَةٌ أَدَّبَهَا فَأَحْسَنَ تَأْدِيبَهَا، وَعَلَّمَهَا فَأَحْسَنَ تَعْلِيمَهَا، وَأَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا فَلَهُ أَجْرَانِ)) وَفِي الصَّحِيحِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ لَمَّا رَوَى قَوْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((لِلْمَمْلُوكِ الصَّالِحِ أَجْرَانِ)) قَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْلَا الْجِهَادُ وَالْحَجُّ وَبِرُّ أُمِّي لَأَحْبَبْتُ أَنْ أَمُوتَ وَأَنَا مَمْلُوكٌ.
(الْوَصِيَّةُ بِالْمَمَالِيكِ)
أَضِفْ إِلَى هَذَا وَصَايَا اللهِ وَرَسُولِهِ بِالْمَمَالِيكِ، وَمِنْهَا تَخْفِيفُ الْوَاجِبَاتِ عَلَيْهِمْ، وَجَعْلُ حَدِّ الْمَمْلُوكِ فِي الْعُقُوبَاتِ نِصْفَ حَدِّ الْحُرِّ، وَقَدْ قَرَنَ اللهُ الْوَصِيَّةَ بِهِمْ بِالْوَصِيَّةِ بِالْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ، وَنَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ قَوْلِ السَّيِّدِ: ((عَبْدِي وَأَمَتِي)) وَأَمَرَهُ أَنْ
يَقُولَ: ((فَتَايَ وَفَتَاتِي وَغُلَامِي)) وَأَمَرَ بِأَنْ يُطْعِمُوهُمْ مِمَّا يَأْكُلُونَ وَيُلْبِسُوهُمْ مِمَّا يَلْبَسُونَ وَيُعِينُوهُمْ عَلَى خِدْمَتِهِمْ إِنْ كَلَّفُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ كَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا، وَكَانَ يُوصِي بِالنِّسَاءِ وَمَا مَلَكَتِ الْأَيْمَانُ حَتَّى فِي مَرَضِ مَوْتِهِ إِلَى أَنِ الْتَحَقَ بِالرَّفِيقِ الْأَعْلَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَسَأَلَهُ ابْنُ عُمَرَ كَمْ أَعْفُو عَنِ الْخَادِمِ؟ قَالَ: ((اعْفُ عَنْهُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعِينَ مَرَّةً)) وَهَذَا مُبَالَغَةٌ، أَيْ كُلَّمَا أَذْنَبَ.
وَلِهَذَا كَانَ الْمُسْلِمُونَ فِي الصَّدْرِ الْأَوَّلِ يُبَالِغُونَ فِي تَكْرِيمِ الرَّقِيقِ وَمُعَامَلَتِهِمْ بِالْحِلْمِ حَتَّى صَارُوا يُقَصِّرُونَ فِي الْخِدْمَةِ. وَلَعَمْرُ الْحَقِّ إِنَّ الْعَبْدَ الْمَمْلُوكَ فِي حُكْمِ الْإِسْلَامِ الْأَوَّلِ أَعَزُّ نَفْسًا وَأَطْيَبُ عَيْشًا مِنْ جَمِيعِ الْأَحْرَارِ الَّذِينَ ابْتُلُوا فِي هَذِهِ الْعُصُورِ بِحُكْمِ دُوَلِ الْإِفْرِنْجِ مَنْ غَيْرِهِمْ أَوْ نُفُوذِهِمْ، وَإِنَّ حُكُومَةَ الْوِلَايَاتِ الْمُتَّحِدَةِ لَتُعَامِلُ الْجِنْسَ الْأَحْمَرَ مِنْ سُكَّانِ الْبِلَادِ الْأَصْلِيِّينَ الَّذِينَ تَمُنُّ عَلَيْهِمْ بِالْحُرِّيَّةِ بِغَيْرِ الْأَحْكَامِ الَّتِي تُعَامِلُ بِهَا الْجِنْسَ الْأَبْيَضَ، حَتَّى إِنَّ مَنِ اعْتَدَى مِنْهُمْ عَلَى امْرَأَةٍ بَيْضَاءَ يُقْتَلُ شَرَّ قِتْلَةٍ - إِنْ لَمْ تَقْتُلْهُ الْحُكُومَةُ قَتَلَهُ الشَّعْبُ - بِخِلَافِ الْعَكْسِ، وَلَا يَتَّسِعُ هَذَا الْمَقَامُ لِتَفْصِيلِ ذَلِكَ وَالشَّوَاهِدِ عَلَيْهِ.
خُلَاصَةُ الْبَحْثِ
رَاجِعْ مَا تَقَدَّمَ مِنَ الْكَلَامِ عَلَى الْوَحْيِ وَالنُّبُوَّةِ وَآيَاتِ الْأَنْبِيَاءِ عِنْدَنَا وَعِنْدَ النَّصَارَى، وَمِنَ الْكَلَامِ فِي تَنْفِيذِ شُبْهَةِ الْوَحْيِ النَّفْسِيِّ، وَالْكَلَامِ فِي إِعْجَازِ الْقُرْآنِ اللُّغَوِيِّ وَالْعِلْمِيِّ، وَمَا أَحْدَثَهُ مِنَ الِانْقِلَابِ الْبَشَرِيِّ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، ثُمَّ أَضِفْ إِلَيْهَا هَذِهِ الْعَشْرَةَ الْأَنْوَاعَ مِنْ مَقَاصِدِ الْقُرْآنِ، فِي إِصْلَاحِ الْبَشَرِ وَتَكْمِيلِ نَوْعِ الْإِنْسَانِ، مِنْ جَمِيعِ نَوَاحِي التَّشْرِيعِ الرُّوحِيِّ وَالْأَدَبِيِّ وَالِاجْتِمَاعِيِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute