للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَإِنْ كَانَ الْبَعْضُ الْآخَرُ لِغَيْرِهِ فَلَهُ أَحْكَامٌ. (٦) مَنْ عَذَّبَ مَمْلُوكَهُ أَوْ مَثَّلَ بِهِ كَأَنْ خَصَاهُ أَوْ جَبَّهُ عُتِقَ عَلَيْهِ وَزَالَ مِلْكُهُ عَنْهُ. (٧) مَنْ آذَى مَمْلُوكَهُ بِمَا دُونَ التَّمْثِيلِ وَالْعَذَابِ الشَّدِيدِ، فَكَفَّارَةُ ذَنْبِهِ أَنْ يَعْتِقَهُ. (٨) التَّدْبِيرُ عِتْقٌ لَازِمٌ، وَهُوَ أَنْ يُعْتَقَ مَمْلُوكُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ، فَلَهُ أَنْ يَسْتَخْدِمَهُ مُدَّةَ حَيَّاتِهِ وَلَكِنْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ لِأَنَّهُ صَارَ حُرًّا بَعْدَ مَوْتِهِ. (٩) إِذَا وَلَدَتِ الْجَارِيَةُ لِسَيِّدِهَا وَلَدًا مِنْهُ حَرُمَ عَلَيْهِ بَيْعُهَا وَهِبَتُهَا لِغَيْرِهِ، وَتَصِيرُ حُرَّةً بِمَوْتِهِ لَا تُورَثُ عَنْهُ. (١٠) مَنْ مَلَكَ أَحَدَ أَقَارِبِهِ عُتِقَ عَلَيْهِ، وَقَدْ بَيَّنَّا الْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثَ الدَّالَّةَ عَلَى هَذِهِ الْأَحْكَامِ فِي كِتَابِ (الْوَحْيِ الْمُحَمَّدِيِّ) الَّذِي بَسَطْنَا بِهِ هَذَا الْبَحْثَ مِنَ التَّفْسِيرِ.

(النَّوْعُ الثَّانِي مِنْ وَسَائِلِ تَحْرِيرِ الرَّقِيقِ الْمَوْجُودِ الْكَفَّارَاتُ)

وَالْمُرَادُ بِهَا الْقُرُبَاتُ الَّتِي تَمْحُو الذُّنُوبَ، وَأَعْظَمُهَا عِتْقُ الرِّقَابِ وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: (أَحَدُهَا) وَاجِبٌ حَتْمٌ عَلَى الْقَادِرِ عَلَى الْعِتْقِ بِمِلْكِ الرَّقَبَةِ أَوْ ثَمَنِهَا، كَكَفَّارَةِ قَتْلِ النَّفْسِ خَطَأً، وَكَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَهُوَ تَشْبِيهُ الرَّجُلِ زَوْجَهُ بِأُمِّهِ وَكَانَ طَلَاقًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَفَّارَةِ إِفْسَادِ الصِّيَامِ عَمْدًا بِشَرْطِهِ وَقَيْدِهِ الْمَعْرُوفَيْنِ فِي الْفِقْهِ.

(ثَانِيهَا) وَاجِبٌ مُخَيَّرٌ فِيهِ وَهُوَ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ، فَمَنْ حَلَفَ يَمِينًا وَحَنَثَ فِيهَا فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى، وَحِكْمَةُ التَّخْيِيرِ ظَاهِرَةٌ.

(ثَالِثُهَا) مَنْدُوبٌ وَهُوَ الْعِتْقُ لِتَكْفِيرِ الذُّنُوبِ غَيْرِ الْمُعَيَّنَةِ، وَهُوَ مِنْ أَعْظَمِ مُكَفِّرَاتِهَا.

(النَّوْعُ الثَّالِثُ مِنْ وَسَائِلِ إِلْغَاءِ الرِّقِّ الْمَوْجُودِ)

جَعْلُ سَهْمٍ مِنْ مَصَارِفِ الزَّكَاةِ الشَّرْعِيَّةِ الْمَفْرُوضَةِ (فِي الرِّقَابِ) بِنَصِّ الْقُرْآنِ وَهُوَ يَشْمَلُ الْعِتْقَ وَالْإِعَانَةَ عَلَى شِرَاءِ الْمَمْلُوكِ نَفْسِهِ (الْكِتَابَةُ) وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ زَكَاةَ الْأُمَّةِ الْإِسْلَامِيَّةِ قَدْ تَبْلُغُ مِئَاتِ الْأُلُوفِ وَأُلُوفَ الْأُلُوفِ مِنَ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ، فَلَوْ نُفِّذَتْ أَحْكَامُ الْإِسْلَامِ فِيهَا وَحْدَهَا لَأَمْكَنَ تَحْرِيرُ جَمِيعِ الرَّقِيقِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ.

(النَّوْعُ الرَّابِعُ مِنْهَا الْعِتْقُ الِاخْتِيَارِيُّ لِوَجْهِ اللهِ تَعَالَى أَيِ ابْتِغَاءِ مَرْضَاتِهِ) .

قَدْ وَرَدَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَآثَارِ السَّلَفِ مِنَ التَّرْغِيبِ فِي الْعِتْقِ مَا يَدْخُلُ تَدْوِينُهُ فِي سِفْرٍ كَبِيرٍ، وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مِنْ أَعْظَمِ الْعِبَادَاتِ وَأُصُولِ الْبَرِّ آيَةٌ مِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ (٢: ١٧٧) .

وَمِنْ أَشْهَرِ أَحَادِيثِ التَّرْغِيبِ فِي الْعِتْقِ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((أَيُّمَا رَجُلٍ أَعْتَقَ امْرَأً مُسْلِمًا اسْتَنْقَذَ اللهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهُ عُضْوًا مِنَ النَّارِ)) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَفِي رِوَايَةٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>