للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَرَقَةَ الِاسْتِفْتَاءِ فِي كُلِّ شَجَرَةٍ ثُمَّ يَجِدُونَ الْفَتْوَى مَكْتُوبَةً عَلَيْهَا وَأَنَّهَا عِنْدَهُمْ مِنْ أَقْوَى الْحُجَجِ أَوْ أَقْوَاهَا، وَقَدْ بَيَّنَّا هَذَا فِي الْمَنَارِ، وَمِنْ هَذَا مَا يَكُونُ مِنْ حِيَلِ شَيَاطِينِ النَّاسِ وَتَزْوِيرِهِمْ، وَمِنْهُمْ مَنْ هُمْ شَرٌّ مِنْ شَيَاطِينِ الْجِنِّ.

(بَعْضُ حِكَايَاتِ النَّصَارَى الْمُعَاصِرِينَ فِي رُؤْيَةِ الْمَسِيحِ وَمَرْيَمَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ) .

إِنَّ الَّذِينَ يَتَرَاءَى لَهُمُ الْمَسِيحُ أَوْ أُمُّهُ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ أَوْ غَيْرُهُمَا مِنَ الْقِدِّيسِينَ عِنْدَهُمْ كَثِيرُونَ، وَمِنَ الرِّجَالِ الْمَشْهُورِينَ بِهَذَا فِي هَذَا الزَّمَانِ رَشِيدٌ بِكُّ مُطْرَانُ وَهُوَ وَجِيهٌ سُورِيٌّ مِنْ بَعْلَبَكَّ مَشْهُورٌ يُقِيمُ فِي أُورُبَّةَ وَيَكُونُ غَالِبًا فِي (بَارِيسَ) فَهُوَ يَرَى أَوْ يَتَرَاءَى لَهُ مِثَالُ السَّيِّدَةِ مَرْيَمَ الْعَذْرَاءِ فِي الْيَقَظَةِ كَثِيرًا وَيَسْأَلُهَا عَنْ كَثِيرٍ مِمَّا يُشْكِلُ عَلَيْهِ فَتُجِيبُهُ. وَحَدَّثَنِي الْأَمِيرُ شَكِيبُ أَرْسَلَانُ عَنْهُ أَنَّهُ سَأَلَهَا مَرَّةً عَنْ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَجَابَتْهُ مُثْنِيَةً عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَنَاءً عَظِيمًا لَمْ أَحْفَظْهُ.

وَقَرَأْتُ فِي جَرِيدَةِ مِرْآةِ الْغَرْبِ الْغَرْبِيَّةِ الَّتِي صَدَرَتْ فِي (نِيويُورْكَ) فِي مَارِسَ سَنَةَ ١٩٣٣ رِسَالَةً مِنْ عَمَّانَ عَاصِمَةِ إِمَارَةِ شَرْقِ الْأُرْدُنِّ كُتِبَتْ فِي ٢٦ مِنْ كَانُونَ الثَّانِي (يَنَايِرَ) سَنَةَ ١٩٢٣ (الْمُوَافِقِ ٢٩ رَمَضَانَ سَنَةَ ١٣٥١) مُلَخَّصُهَا أَنَّ امْرَأَةً نَصْرَانِيَّةً فِي عَمَّانَ اسْمُهَا حِنَّةُ بِنْتُ إِلْيَاسَ غَابِي الْمُلَقَّبِ صِهْرَ اللهِ مُتَزَوِّجَةً وَلَهَا أَوْلَادٌ وَأَخٌ، فَقِيرَةٌ مَشْهُورَةٌ بِالتَّقْوَى عَرَضَ لَهَا مُنْذُ سَنَةٍ وَنِصْفٍ نَزِيفٌ دَمَوِيٌّ عَقِبَ الْوِلَادَةِ وَأُرِيدَ عَمَلُ عَمَلِيَّةٍ جِرَاحِيَّةٍ لَهَا فَأُرْشِدَتْ إِلَى التَّوَجُّهِ أَوَّلًا إِلَى الطَّبِيبِ السَّمَاوِيِّ، فَدَعَتْ يَسُوعَ لَيْلًا ثُمَّ ذَهَبَتْ إِلَى الْكَنِيسَةِ بَعْدَ مُنْتَصَفِ اللَّيْلِ لِتُصَلِّيَ وَهِيَ فِي حَالِ غَيْبُوبَةٍ أَوْ عَقِبَ رُؤْيَا، فَرَأَتِ الْكَنِيسَةَ خَالِيَةً وَشَاهَدَتْ فِي الْهَيْكَلِ شَخْصًا يُحِيطُ بِهِ نُورٌ عَظِيمٌ فَاشْتَدَّ خَوْفُهَا وَرُعْبُهَا، فَدَعَاهَا وَقَالَ لَهَا: لَا تَخَافِي أَنَا الْمَسِيحُ، فَرَكَعَتْ عَلَى قَدَمَيْهِ وَقَالَتْ لَهُ اشْفِنِي يَا سَيِّدُ، فَقَالَ لَهَا: حَسَبُ إِيمَانِكِ يَكُونُ لَكِ، فَبَرِئَتْ وَقَرَّرَ الْأَطِبَّاءُ بَعْدَ فَحْصِهَا أَنَّهُ لَمْ تَبْقَ حَاجَةٌ إِلَى الْعَمَلِيَّةِ الْجِرَاحِيَّةِ فَازْدَادَتْ عِبَادَةً وَتَقْوَى.

((وَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الرَّابِعُ مِنْ هَذَا الشَّهْرِ ك٢ مِنْ ((يَنَايِرَ)) شَعَرَتْ فِي مُنْتَصَفِ السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ بِيَدٍ تَهُزُّهَا مِنَ الْكَتِفِ، فَفَتَحَتْ عَيْنَيْهَا فَإِذَا نُورٌ عَظِيمٌ فِي الْغُرْفَةِ وَفِي وَسَطِ النُّورِ شَخْصُ الْمَلَاكِ يَقُولُ لَهَا: سَيَحْدُثُ ضِيقٌ عَظِيمٌ فِي الْعَالَمِ، وَلَكِنْ لَا تَخَافُوا وَسَتَكُونُ لَكُمْ هَذِهِ الْعَلَامَةُ - وَكَانَ بِيَدِهِ كَأْسٌ فَغَمَسَ الْيَدَ الْأُخْرَى فِي الْكَأْسِ وَبِأَصَابِعِهِ الثَّلَاثِ وَضَعَ عَلَى جَبِينِهَا عَلَامَةً ثُمَّ تَرَكَهَا وَقَالَ: اعْطُوا مَجْدَ اللهِ فَقَامَتْ وَصَارَتْ تُمَجِّدُ اللهَ بِصَوْتٍ عَالٍ فَهَبَّ أَهْلُهَا وَقَالُوا لَهَا: مَاذَا جَرَى لَكِ؟ فَقَالَتْ:

أَلَمْ تَرَوُا النُّورَ وَتَسْمَعُوا الصَّوْتَ؟ قَالُوا لَا، قَالَتْ: جِيئُونِي بِالضَّوْءِ، فَلَمَّا أَحْضَرُوا الْقِنْدِيلَ رَأَوْا فِي جَبِينِهَا عَلَامَةَ طَائِرٍ يُشْبِهُ النَّسْرَ صَافًّا جَنَاحَيْهِ مُمْتَدًّا عَلَى طُولِ جَبِينِهَا وَعَرْضِهِ (أَيْ جَبْهَتِهَا) وَلَيْسَ مَاسًّا لِلْحَاجِبَيْنِ وَلَا شَعْرِ الرَّأْسِ، وَلَوْنُهُ عُنَّابِيٌّ كَالدَّمِ وَرَسْمُهُ مُتْقَنٌ كَأَنَّهُ رَسْمُ فَنَّانٍ عَظِيمٍ)) .

<<  <  ج: ص:  >  >>