للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَإِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ، فَدَعْوَى افْتِرَائِهَا مِنْ أَصْلِهَا مُكَابَرَةٌ ظَاهِرَةُ الْبُطْلَانِ، وَالْكَلَامُ فِيهَا بِغَيْرِ عِلْمٍ عُرْضَةٌ لِضُرُوبٍ مِنَ الْخَطَأِ

اللَّفْظِيِّ، وَتِكْرَارُهُ مَزَلَّةٌ فِي مَدَاحِضِ التَّعَارُضِ وَالِاخْتِلَافِ الْمَعْنَوِيِّ، وَالتَّفَاوُتِ وَالْخَطَلِ الْبَيَانِيِّ، وَيَظْهَرُ ذَلِكَ لِكُلِّ أَحَدٍ مِنْهُمْ ; لِأَنَّهُ مِنْ جِنْسِ مَعَارِفِهِمْ وَمَا يَعْهَدُونَهُ بَيْنَهُمْ، لَا كَأُمُورِ الْغَيْبِ فِي غَيْرِ عَالَمِهِمْ، فَتَحَدِّيهِمْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِنْ جِنْسِهَا كَالتَّحَدِّي بِمُعَارَضَةِ مَقَامَاتِ الْحَرِيرِيِّ لِمَقَامَاتِ بَدِيعِ الزَّمَانِ وَأَمْثَالِهِمَا، يُمْكِنُ لِأَهْلِ اللِّسَانِ أَنْ يَحْكُمُوا فِيهِ بِالتَّفَاضُلِ بَيْنَهُمَا فِي بَيَانِهِمَا وَحِكْمَتِهِمَا وَمَعَانِيهِمَا.

وَقَدْ جَاءَتْ أَخْبَارُ الْأَنْبِيَاءِ مُكَرَّرَةً فِي السُّوَرِ الْمَكِّيَّةِ عَلَى دَرَجَاتٍ فِي قِلَّتِهَا وَكَثْرَتِهَا، تَبْتَدِئُ بِالْآيَةِ وَالْآيَتَيْنِ وَالثَّلَاثِ لِبَعْضِ هَؤُلَاءِ الرُّسُلِ فِي بَعْضِ السُّوَرِ، وَتَرْتَقِي فِي بَعْضِهَا إِلَى مُنْتَهَى جَمْعِ الْقِلَّةِ أَوْ تَزِيدُ قَلِيلًا، كَمَا تَرَاهُ فِي ((آلِ حمم)) مِنْ فُصِّلَتْ إِلَى الْأَحْقَافِ، وَفِي أَثْنَاءِ سُوَرِ الْفُرْقَانِ وَ ((ق)) وَالذَّارِيَاتِ وَالنَّجْمِ، وَفِي أَوَّلِ الْحَاقَّةِ وَالْفَجْرِ وَآخِرِ الْبُرُوجِ، فَهَذِهِ سُوَرٌ تَزِيدُ عَلَى عَشْرٍ فِيهَا جَمِيعُ أَنْوَاعِ الْإِعْجَازِ اللَّفْظِيِّ وَالْمَعْنَوِيِّ، وَلَكِنْ هَذِهِ الْأَخْبَارُ فِيهَا عِبَرٌ لَا تَبْلُغُ أَنْ تَكُونَ قَصَصًا.

وَأَمَّا الْقِصَصُ فَقَدْ تَبْلُغُ فِي بَعْضِ سُورِهَا عَشَرَاتِ الْآيَاتِ كَيُونُسَ وَإِبْرَاهِيمَ وَالْحِجْرِ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْعَنْكَبُوتِ، وَتُعَدُّ فِي بَعْضِهَا بِالصَّفَحَاتِ لَا بِالْآيَاتِ، وَمِنْهَا مَا أَكْثَرَهُ فِي هَذِهِ الْقِصَصِ كَالْأَعْرَافِ وَمَرْيَمَ وَالنَّمْلِ، وَمِنْهَا مَا لَيْسَ فِيهِ مِنْ غَيْرِهَا إِلَّا خَاتِمَةٌ مُخْتَصَرَةٌ كَيُوسُفَ

<<  <  ج: ص:  >  >>