(٩: ٢٤) وَإِيمَانُ التَّقْلِيدِ قَدْ يُفَضِّلُ صَاحِبُهُ حُبَّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ عَلَى حُبِّ اللهِ وَرَسُولِهِ.
الْإِيمَانُ الْمَطْلُوبُ مَعْرِفَةٌ تَطْمَئِنُّ بِهَا الْقُلُوبُ وَتَحْيَا بِهَا النُّفُوسُ وَتَخْنِسُ مَعَهَا الْوَسَاوِسُ، وَتَبْعُدُ بِهَا عَنِ النَّفْسِ الْهَوَاجِسُ، فَلَا تُبْطِرُ صَاحِبَهَا النِّعْمَةُ، وَلَا تُؤَيِّسُهُ النِّقْمَةُ (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللهِ أَلَا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ)
(١٣: ٢٨) (لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ) (٥٧: ٢٣) وَإِيمَانُ التَّقْلِيدِ لَا يَفْتَأُ صَاحِبُهُ مُضْطَرِبَ الْقَلْبِ، مَيِّتَ النَّفْسِ، إِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ فَهُوَ فَرِحٌ فَخُورٌ، وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَهُوَ يَئُوسٌ كَفُورٌ.
الْإِيمَانُ الْمَطْلُوبُ: مَعْرِفَةٌ تَتَمَثَّلُ لِلْمُؤْمِنِ إِذَا عَرَضَتْ لَهُ دَوَاعِي الشَّرِّ وَأَسْبَابُ الْمَعَاصِي فَتَحُولُ دُونَهَا، فَإِذَا نَسِيَ فَأَصَابَ الذَّنْبَ بَادَرَ إِلَى التَّوْبَةِ وَالْإِنَابَةِ. فَالْمُؤْمِنُونَ هُمُ الَّذِينَ وُصِفُوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ) (٣: ١٣٥) وَهُمْ (الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ) (٨: ٢) وَإِيمَانُ التَّقْلِيدِ يُصِرُّ صَاحِبُهُ عَلَى الْعِصْيَانِ، وَيَقْتَرِفُ الْفَوَاحِشَ عَامِدًا عَالِمًا لَا يَسْتَحِي مِنَ اللهِ وَلَا يَوْجَلُ قَلْبُهُ إِذَا ذَكَرَهُ، وَلَا يَخَافُهُ إِذَا عَصَاهُ.
الْإِيمَانُ الْمَطْلُوبُ: هُوَ الَّذِي إِذَا عَلِمَ صَاحِبُهُ بِأَنَّ الْإِيمَانَ أُصِيبَ بِمُصِيبَةٍ كَانَتْ مُصِيبَتُهُ فِي دِينِهِ أَشَدَّ عَلَيْهِ مِنَ الْمُصِيبَةِ فِي نَفْسِهِ وَمَالِهِ وَوَلَدِهِ، وَكَانَ انْبِعَاثُهُ إِلَى تَلَافِيهَا أَعْظَمَ مِنِ انْبِعَاثِهِ إِلَى دَفْعِ الْأَذَى عَنْ حَقِيقَتِهِ، وَجَلْبِ الرِّزْقِ إِلَى نَفْسِهِ وَأَهْلِهِ وَعَشِيرَتِهِ، وَإِيمَانُ الْمُقَلِّدِ لَا غَيْرَةَ مَعَهُ عَلَى الدِّينِ وَلَا عَلَى الْإِيمَانِ (وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ) (٢٤: ٤٨، ٤٩) الْآيَاتِ.
يَذْكُرُ الْقُرْآنُ الْإِيمَانَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ كَثِيرًا، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِهِ مَا لَهُ مِثْلُ هَذِهِ الْآثَارِ الَّتِي شَرَحَهَا فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ، مِنْ أَجْمَعِهَا هَذِهِ الْآيَةُ الَّتِي نُفَسِّرُهَا الْآنَ، وَلَكِنَّ أَهْلَ التَّقْلِيدِ الَّذِينَ لَا أَثَرَ لِلْإِيمَانِ فِي قُلُوبِهِمْ وَلَا فِي أَعْمَالِهِمْ إِلَّا مَا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ قَوْمِهِمْ مِنَ الْإِتْيَانِ بِبَعْضِ الرُّسُومِ يُئَوِّلُونَ كُلَّ هَذِهِ الْآيَاتِ بِجَعْلِهِمُ الْإِيمَانَ قِسْمَيْنِ: قِسْمًا كَامِلًا، وَهُوَ الَّذِي يَصِفُ الْقُرْآنُ أَهْلَهُ بِمَا يَصِفُهُمْ بِهِ، وَقِسْمًا نَاقِصًا، وَهُوَ إِيمَانُهُمُ الَّذِي يُجَامِعُ مَا وَصَفَ اللهُ تَعَالَى بِهِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ، وَيَرَوْنَ أَنَّ الْإِيمَانَ النَّاقِصَ كَافٍ لِنَيْلِ سَعَادَةِ الْآخِرَةِ وَلَا سِيَّمَا إِذَا صَحِبَهُ بَعْضُ الرُّسُومِ الدِّينِيَّةِ، وَلَكِنَّ اللهَ تَعَالَى يُرْشِدُنَا فِي مِثْلِ هَذِهِ الْآيَةِ إِلَى أَنَّ الرُّسُومَ لَيْسَتْ مِنَ الْبِرِّ فِي شَيْءٍ
وَإِنَّمَا الْبِرُّ هُوَ الْإِيمَانُ وَمَا يَظْهَرُ مِنْ آثَارِهِ فِي النَّفْسِ وَالْعَمَلِ كَمَا تَرَى فِي الْآيَةِ، وَأَسَاسُ ذَلِكَ الْإِيمَانُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ.
فَالْإِيمَانُ بِاللهِ يَرْفَعُ النُّفُوسَ عَنِ الْخُضُوعِ وَالِاسْتِعْبَادِ لِلرُّؤَسَاءِ الَّذِينَ اسْتَذَلُّوا الْبَشَرَ بِالسُّلْطَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute