للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مَعَ أُمَمِهِمْ، وَالْمُتَشَابِهُ: مَا اشْتَبَهَتِ الْأَلْفَاظُ بِهِ مِنْ قِصَصِهِمْ عِنْدَ التَّكْرِيرِ فِي السُّورِ، وَأَطَالَ فِي التَّمْثِيلِ لَهُ.

(ثَامِنُهَا) أَنَّ الْمُتَشَابِهَ: مَا يَحْتَاجُ إِلَى بَيَانٍ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَالْمُحْكَمُ: مَا يُقَابِلُهُ.

(تَاسِعُهَا) أَنَّ الْمُتَشَابِهَ: مَا يُؤْمَنُ بِهِ وَلَا يُعْمَلُ بِهِ. ذَكَرَهُ ابْنُ تَيْمِيَّةَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ جَمِيعُ الْأَخْبَارِ، فَالْمُحْكَمُ: هُوَ قِسْمُ الْإِنْشَاءِ.

(عَاشِرُهَا) أَنَّ الْمُتَشَابِهَ: آيَاتُ الصِّفَاتِ (أَيْ صِفَاتُ اللهِ) خَاصَّةً وَمِثْلُهَا أَحَادِيثُهَا، ذَكَرَهُ ابْنُ تَيْمِيَّةَ أَيْضًا.

وَقَالَ الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ فِي مَعْنَى الْمُتَشَابِهَاتِ: التَّشَابُهُ إِنَّمَا يَكُونُ بَيْنَ شَيْئَيْنِ فَأَكْثَرَ، وَهُوَ لَا يُفِيدُ عَدَمَ فَهْمِ الْمَعْنَى مُطْلَقًا كَمَا قَالَ الْمُفَسِّرُ (الْجَلَالُ) وَوَصْفُ التَّشَابُهِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ هُوَ لِلْآيَاتِ بِاعْتِبَارِ مَعَانِيهَا، أَيْ إِنَّكَ إِذَا تَأَمَّلْتَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ تَجِدُ مَعَانِيَ مُتَشَابِهَةً فِي فَهْمِهَا مِنَ اللَّفْظِ لَا يَجِدُ الذِّهْنُ مُرَجِّحًا لِبَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ. وَقَالُوا أَيْضًا: إِنَّ الْمُتَشَابِهَ مَا كَانَ إِثْبَاتُ الْمَعْنَى فِيهِ لِلَّفْظِ الدَّالِّ عَلَيْهِ وَنَفْيُهُ عَنْهُ مُتَسَاوِيَانِ، فَقَدْ تَشَابَهَ فِيهِ النَّفْيُ وَالْإِثْبَاتُ أَوْ مَا دَلَّ فِيهِ اللَّفْظُ عَلَى شَيْءٍ وَالْعَقْلُ عَلَى خِلَافِهِ فَتَشَابَهَتِ الدَّلَالَةُ وَلَمْ يُمْكِنِ التَّرْجِيحُ، كَالِاسْتِوَاءِ عَلَى الْعَرْشِ وَكَوْنِ عِيسَى رُوحَ اللهِ وَكَلِمَتَهُ، فَهَذَا هُوَ الْمُتَشَابِهُ الَّذِي يُقَابِلُهُ الْمُحْكَمُ الَّذِي لَا يَنْفِي الْعَقْلُ شَيْئًا مِنْ ظَاهِرِ مَعْنَاهُ، أَمَّا كَوْنُ الْمُحْكَمَاتِ هُنَّ أُمَّ الْكِتَابِ فَمَعْنَاهُ أَنَّهُنَّ أَصْلُهُ وَعِمَادُهُ أَوْ مُعْظَمُهُ، وَهَذَا ظَاهِرٌ لَكِنَّهُ لَا يَنْطَبِقُ إِلَّا عَلَى بَعْضِ الْأَقْوَالِ.

وَقَالَ الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ إِنَّ مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهَا هِيَ الْأَصْلُ الَّذِي دُعِيَ النَّاسُ إِلَيْهِ وَيُمْكِنُهُمْ أَنْ يَفْهَمُوهَا وَيَهْتَدُوا بِهَا، وَعَنْهَا يَتَفَرَّعُ غَيْرُهَا وَإِلَيْهَا يَرْجِعُ، فَإِنِ اشْتَبَهَ عَلَيْنَا شَيْءٌ نَرُدُّهُ إِلَيْهَا، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالرَّدِّ أَنْ نُئَوِّلَهُ بَلْ أَنْ نُؤْمِنَ بِأَنَّهُ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَأَنَّهُ لَا يُنَافِي الْأَصْلَ الْمُحْكَمَ الَّذِي هُوَ أُمُّ الْكِتَابِ وَأَسَاسُ الدِّينِ

الَّذِي أُمِرْنَا أَنْ نَأْخُذَ بِهِ عَلَى ظَاهِرِهِ الَّذِي لَا يَحْتَمِلُ غَيْرَهُ إِلَّا احْتِمَالًا مَرْجُوحًا. مِثَالُ هَذِهِ الْمُتَشَابِهَاتِ قَوْلُهُ - تَعَالَى -: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى [٢٠: ٥] وَقَوْلُهُ: يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ [٤٨: ١٠] وَقَوْلُهُ - تَعَالَى -: وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ [٤: ١٧١] هَذَا رَأْيُ جُمْهُورِ الْمُفَسِّرِينَ، وَذَهَبَ جُمْهُورٌ عَظِيمٌ مِنْهُمْ إِلَى أَنَّهُ لَا مُتَشَابِهَ فِي الْقُرْآنِ إِلَّا أَخْبَارُ الْغَيْبِ، كَصِفَةِ الْآخِرَةِ وَأَحْوَالِهَا مِنْ نَعِيمٍ وَعَذَابٍ.

فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ

قَالَ الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ: مَعْنَى اتِّبَاعِهِ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ أَنَّهُمْ يَتَّبِعُونَهُ بِالْإِنْكَارِ وَالتَّنْفِيرِ اسْتِعَانَةً بِمَا فِي أَنْفُسِ النَّاسِ مِنْ إِنْكَارِ مَا لَمْ يَصِلْ إِلَيْهِ عِلْمُهُمْ وَلَا يَنَالُهُ حِسُّهُمْ كَالْإِحْيَاءِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَشُئُونِ تِلْكَ الْحَيَاةِ الْأُخْرَى. وَابْتِغَاءُ الْفِتْنَةِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ فِي مَعْنَى الْمُتَشَابِهِ: هُوَ أَنْ يَتَّبِعَ أَهْلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>