للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْخَامِسَةُ: (سُورَةُ يُوسُفَ) جَاءَ فِيهَا قَوْلُهُ - تَعَالَى -: وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ [١٢: ٦] وَقَوْلُهُ حِكَايَةً عَنِ الْفَتَيَيْنِ اللَّذَيْنِ كَانَا مَعَ يُوسُفَ فِي السِّجْنِ: نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ [١٢: ٣٦] أَيْ مَا رَأَيَاهُ فِي الْمَنَامِ. وَقَوْلُهُ حِكَايَةً عَنْهُ:

قَالَ لَا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلَّا نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُمَا [١٢: ٣٧] وَقَوْلُهُ حِكَايَةً عَنْ مَلَأِ فِرْعَوْنَ: وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ [١٢: ٤٤] وَقَوْلُهُ حِكَايَةً عَنِ الَّذِي نَجَا مِنْ ذَيْنَكِ الْفَتَيَيْنِ: أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ [١٢: ٤٥] وَقَوْلُهُ حِكَايَةً لِخِطَابِ يُوسُفَ لِأَبِيهِ: يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا [١٢: ١٠٠] وَقَوْلُهُ حِكَايَةً عَنْهُ: رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ [١٢: ١٠١] فَتَأْوِيلُ الْأَحَادِيثِ وَالْأَحْلَامِ هُوَ الْأَمْرُ الْوُجُودِيُّ الَّذِي تَدُلُّ عَلَيْهِ، وَهُوَ فِعْلٌ لَا قَوْلٌ كَمَا هُوَ صَرِيحٌ فِي مِثْلِ قَوْلِهِ: نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُمَا [١٢: ٣٧] فَإِخْبَارُهُ بِالتَّأْوِيلِ هُوَ إِخْبَارُهُ بِالْأَمْرِ الَّذِي سَيَقَعُ فِي الْمَآلِ، وَفِي قَوْلِهِ: هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ أَيْ هَذَا الَّذِي وَقَعَ مِنْ سُجُودِ أَبَوَيْهِ وَإِخْوَتِهِ الْأَحَدَ عَشَرَ لَهُ هُوَ الْأَمْرُ الْوَاقِعِيُّ الَّذِي آلَتْ إِلَيْهِ رُؤْيَاهُ الْمَذْكُورَةُ فِي أَوَّلِ السُّورَةِ بِقَوْلِهِ - تَعَالَى -: إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ [١٢: ٤] .

السَّادِسَةُ: (سُورَةُ الْإِسْرَاءِ) وَفِيهَا قَوْلُهُ: وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا [١٧: ٣٥] أَيْ مَآلًا.

السَّابِعَةُ: (سُورَةُ الْكَهْفِ ١٨) وَفِيهَا قَوْلُهُ - تَعَالَى - حِكَايَةً عَنِ الْعَبْدِ الَّذِي أَتَاهُ اللهُ رَحْمَةً وَعِلْمًا مِنْ لَدُنْهُ فِي خِطَابِ مُوسَى: سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا [١٨: ٧٨] وَقَوْلُهُ بَعْدَ أَنْ نَبَّأَهُ بِمَا تَئُولُ إِلَيْهِ تِلْكَ الْأَعْمَالُ الَّتِي أَنْكَرَهَا مُوسَى: ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا [١٨: ٨٢] فَالْإِنْبَاءُ بِالتَّأْوِيلِ إِنْبَاءٌ بِأُمُورٍ عَمَلِيَّةٍ سَتَقَعُ فِي الْمَآلِ لَا بِالْأَقْوَالِ، فَتَبَيَّنَ مِنْ هَذِهِ الْآيَاتِ أَنَّ لَفْظَ التَّأْوِيلِ لَمْ يَرِدْ فِي الْقُرْآنِ إِلَّا بِمَعْنَى الْأَمْرِ الْعَمَلِيِّ الَّذِي يَقَعُ فِي الْمَآلِ تَصْدِيقًا لِخَبَرٍ أَوْ رُؤْيَا أَوْ لِعَمَلٍ غَامِضٍ يُقْصَدُ بِهِ شَيْءٌ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، فَيَجِبُ أَنْ تُفَسَّرَ آيَةُ آلِ عِمْرَانَ بِذَلِكَ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُحْمَلَ التَّأْوِيلُ فِيهَا عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي اصْطَلَحَ عَلَيْهِ قُدَمَاءُ الْمُفَسِّرِينَ وَهُوَ جَعْلُهُ بِمَعْنَى التَّفْسِيرِ كَمَا يَقُولُ ابْنُ جَرِيرٍ: الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ هَذِهِ الْآيَةِ كَذَا، وَلَا عَلَى مَا اصْطَلَحَ عَلَيْهِ مُتَأَخِّرُوهُمْ مِنْ جَعْلِ التَّأْوِيلِ عِبَارَةً عَنْ نَقْلِ الْكَلَامِ عَنْ وَضْعِهِ إِلَى مَا يَحْتَاجُ فِي إِثْبَاتِهِ إِلَى دَلِيلٍ لَوْلَاهُ مَا تُرِكَ ظَاهِرُ اللَّفْظِ وَمِثْلُهُ قَوْلُ أَهْلِ الْأُصُولِ: التَّأْوِيلُ صَرْفُ اللَّفْظِ عَنِ الِاحْتِمَالِ الرَّاجِحِ إِلَى الِاحْتِمَالِ الْمَرْجُوحِ لِدَلِيلٍ.

بِحَمْلِ التَّأْوِيلِ فِي الْقُرْآنِ عَلَى الْمَعْنَى الِاصْطِلَاحِيِّ، تَمَسَّكَتِ الْبَاطِنِيَّةُ فِي دَعْوَاهُمْ إِذْ قَالُوا:

<<  <  ج: ص:  >  >>