للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عِنْدَ ابْنِ جَرِيرٍ أَوْ أَلْفٌ وَمِائَتَا أُوقِيَّةٍ. وَرُوِيَ عَنْ مُعَاذٍ أَوْ أَلْفُ دِينَارٍ وَمِائَتَا دِينَارٍ، وَرُوِيَ عَنْ أُبَيٍّ مَرْفُوعًا. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ثَمَانُونَ أَلْفَ دِرْهَمٍ كَذَا فِي الْمُخَصَّصِ، وَرُوِيَ عَنْهُ غَيْرُ ذَلِكَ. وَقَالَ السُّدِّيُّ مِائَةُ رِطْلٍ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ، وَعَنْ قَتَادَةَ أَنَّهُ مِائَةُ رِطْلٍ مِنَ الذَّهَبِ أَوْ ثَمَانُونَ أَلْفًا مِنَ الْوَرِقِ. وَكَأَنَّ كُلَّ هَذَا مِمَّا يُطْلَقُ عَلَيْهِ لَفْظُ الْقِنْطَارِ بِاخْتِلَافِ الْعُرْفِ. وَيَشْهَدُ لَهُ مَا قَالَهُ ابْنُ سِيدَهْ فِي الْمُخَصَّصِ فِي بَعْضِ الْأَقْوَالِ فِيهِ إِذْ عَزَا الْقَوْلَ بِأَنَّهُ أَلْفُ مِثْقَالٍ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ إِلَى الْبَرْبَرِ، قَالَ: وَهُوَ بِالسُّرْيَانِيَّةِ مِلْءُ مَسْكِ ثَوْرٍ (أَيْ جِلْدِهِ) ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً. وَلَكِنَّهُ ذَكَرَ أَنَّ أَبَا عُبَيْدٍ لَمْ يُقَيِّدْهُ بِالسُّرْيَانِيَّةِ. وَنَقَلَ عَنْ سِيبَوَيْهِ: الْقِنْطَارُ عَرَبِيٌّ وَهُوَ رُبَاعِيٌّ، وَقِنْطَارٌ مُقَنْطَرٌ مُكَمَّلٌ عَلَى الْمُبَالَغَةِ. اهـ. وَقِيلَ: الْمُقَنْطَرَةُ الْمُحْكَمَةُ الْعَقْدِ، وَقِيلَ: الْمَضْرُوبَةُ مِنْ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ، وَقِيلَ: الْمُنَضَّدَةُ فِي وَضْعِهَا، وَقِيلَ: الْمَكْنُوزَةُ، وَلَا يَزَالُ النَّاسُ يَخْتَلِفُونَ فِي الْقِنْطَارِ فَهُوَ فِي الشَّامِ مِائَةُ رِطْلٍ بِرِطْلِهِمْ، وَرَطْلُهُمْ ثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ فِي أَكْثَرِ الْبِلَادِ، وَفِي مِصْرَ مِائَةُ رِطْلٍ بِرِطْلِهِمْ وَرِطْلُهُمْ ١٤٤ دِرْهَمًا.

(النَّوْعُ الرَّابِعُ الْخَيْلُ الْمُسَوَّمَةُ) : ذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّ الْخَيْلَ الْمُسَوَّمَةَ هِيَ الرَّاعِيَةُ. وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَالرَّبِيعِ وَغَيْرِهِمْ، وَقِيلَ: هِيَ الْمُطَهَّمَةُ الْحِسَانُ أَوِ الْمُعَلَّمَةُ بِالْأَلْوَانِ وَالشِّيَاتِ، وَقِيلَ: الْمُرْسَلَةُ عَلَى الْقَوْمِ. فَالْأَوَّلُ مِنْ مَادَّةِ السَّوْمِ،

يُقَالُ: سَامَ الدَّابَّةَ: رَعَاهَا، وَأَسَامَهَا: أَرْعَاهَا وَأَخْرَجَهَا إِلَى الْمَرَاعِي. وَمِثْلُهَا سَوَّمَهَا عِنْدَ هَؤُلَاءِ، وَفِي سُورَةِ النَّحْلِ: وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ [١٦:١٠] قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: إِنَّ سَوَّمَ بِالتَّشْدِيدِ غَيْرُ مُسْتَفِيضٍ فِي كَلَامِهِمْ. وَرَجَّحَ أَنَّ الْمُسَوَّمَةَ بِمَعْنَى الْمُعَلَّمَةِ. وَاسْتَشْهَدَ لَهُ بِقَوْلِ النَّابِغَةِ:

بِسُمْرٍ كَالْقِدَاحِ مُسَوَّمَاتٍ ... عَلَيْهَا مَعْشَرٌ أَشْبَاهُ جِنِّ

وَقَالَ: إِنَّ مَعْنَى الْمُطَهَّمَةِ وَالْمُعَلَّمَةِ وَالرَّائِعَةِ وَاحِدٌ، أَقُولُ: وَكُلٌّ مِنَ الْخَيْلِ الرَّاعِيَةِ الَّتِي تُقْتَنَى لِلتِّجَارَةِ وَالْمُطَهَّمَةِ الَّتِي يَقْتَنِيهَا الْكُبَرَاءُ وَالْأَغْنِيَاءُ لِلْمُفَاخَرَةِ مِنْ مَتَاعِ الدُّنْيَا الَّذِي يُتَنَافَسُ فِيهِ. وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَغْلُو فِي حُبِّ الْخَيْلِ حَتَّى يَفُوقَ عِنْدَهُ كُلَّ حُبٍّ، وَقَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ: إِنَّ الْمُسَوَّمَةَ هُنَا هِيَ الَّتِي تُرْصَدُ لِلْجِهَادِ وَهُوَ قَوْلٌ لَا يُفِيدُهُ اللَّفْظُ وَلَا يَرْضَاهُ السِّيَاقُ.

(النَّوْعُ الْخَامِسُ الْأَنْعَامُ) : وَهِيَ الْإِبِلُ وَالْبَقَرَةُ، عِرَابُهَا وَجَوَامِيسُهَا وَالْغَنَمُ ضَأْنُهَا وَمَعْزُهَا وَالْأَنْعَامُ مَالُ أَهْلِ الْبَادِيَةِ بِهَا ثَرْوَتُهُمْ، وَفِيهَا تَكَاثُرُهُمْ وَتَفَاخُرُهُمْ، وَمِنْهَا مَعَايِشُهُمْ وَمَرَافِقُهُمْ، وَلَعَلَّهُ أَخَّرَهَا عَنْ ذِكْرِ الْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ لِأَنَّ مَنْ قَدَرَ عَلَى اقْتِنَاءِ الْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ يَكُونُ أَوْغَلَ فِي التَّمَتُّعِ، لِأَنَّهَا مِنْ مَتَاعِ الْفَضْلِ وَالزِّيَادَةِ وَمَا كُلُّ ذِي أَنْعَامٍ يَقْدِرُ عَلَى اقْتِنَاءِ الْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَيُضَاهِيهِ فِي التَّمَتُّعِ فِي الدُّنْيَا، وَإِلَّا فَإِنَّ الْأَنْعَامَ أَكْثَرُ نَفْعًا، قَالَ - تَعَالَى - فِي السُّورَةِ الَّتِي يُعَدِّدُ بِهَا النِّعَمَ عَلَى عِبَادِهِ بَعْدَ ذِكْرِ خَلْقِ الْإِنْسَانِ: وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ [١٦: ٥ - ٨] .

<<  <  ج: ص:  >  >>