للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بنفسه، فقيل له: إن ثب عند مضر بمعنى الطفر، قال الملك: ليس عندنا عَرَبِيَّتْ من ظفر حَمَّرَ، أي: من دخل ظفار تكلم بالحميرية (١).

وقد ذكروا أن سببَ قتل مالك بن نويرة أنه أُتِيَ به أسيرًا إلى خالد بن الوليد وكان يُرعَد من شدة البرد، فقال لهم خالد: أدْفوه (مُخَفَّفًا) لا أدفئوه؛ لأن قريشًا يخففون الهمزة، فظنَّ السامعون أنه أراد الأمر من: دفَوْتَ الجريح، إذا أجهزت عليه (٢).

٦ - ومنها أنه يوقع المتكلم في الهزء به، كقول أبي تمام:

أَعْطَيْتَ لِي دِيَةَ القَتِيلِ وَلَيْسَ لِي ... عَقْلٌ وَلَا حِلْفٌ هُنَاكَ قَدِيمُ (٣)


(١) قوله: "ليس عندنا عربيت" هكذ رويت بتاء مفتوحة، وليس في الكلام الحميري هاء التأنيث، ومعنى كلامه أنا لا نعرف العربية والعربية هي لغة العرب، وحمير لا يسمون أنفسهم عربًا، وإنما العرب عندهم سكانُ عربة، وهي تِهامة وما وراءها من نجد والحجاز. قال شاعرهم:
إِنِّي امْرُؤٌ حِمْيَرِيٌّ حِينَ تَنْسِبُنِي ... لَا مِنْ رَبِيعَةَ آبَائِي وَلَا مُضَرِ
- المصنف.
ما جاء في هذا الهامش أورده المصنف بين قوسين في المتن، ورأينا وضعَه في الحاشية أولَى. وقد ذكر السيوطي القصةَ نقلًا من كتاب الترقيص للأزدي عن أبي بكر بن دريد قال: "حدثنا عن عبد الرحمن عن عمه قال: خرج رجلٌ من بني كلاب، أو من سائر بني عامر بن صعصعة، إلى ذي جَدَن، فأُطلع إلى سطح، والملك عليه. فلما رآه الملكُ اختبره، فقال له: ثِبْ، أي: اقعد. فقال: ليعلم الملك أني سامع مطيع، ثم وثب من السطح. فقال الملك: ما شأنه؟ فقالوا: أبَيْت اللعنّ! إن الوثب في كلام نزار الطَّمْر. فقال الملك: ليست عربيتنا كعربيتهم، مَنْ ظفر حمَّر، أي مَنْ أراد أن يقيم بظفار فليتكلَّمْ بالحميرية". السيوطي: المزهر، ج ١، ص ٣١٢. وانظر كذلك ابن منظور: لسان العرب، "حرف الراء - فصل الحاء المهملة"، ج ٤، ص ٢١٥.
(٢) هذا حسب رواية الطبري. تاريخ الرسل والملوك، ج ٣ (أخبار سنة ١١ للهجرة)، ص ٢٧٨. وقد جاءت رواياتٌ أخر مختلفة في مقتل مالك بن نويرة. انظر فيها مثلًا: البلخي، أبو زيد أحمد سهل: كتاب البدء والتاريخ، نشرة بعناية خليل عمران المنصور (بيروت: دار الكتب العلمية، ط ١، ١٤١٧/ ١٩٩٧)، ج ٢، ص ١٩٥.
(٣) ديوان أبي تمام، نشرة بعناية شاهين عطية (بيروت: دار الكتب العلمية، بدون تاريخ)، ص ٢٨٣. والبيت من قصيدة قالها الشاعر في مدح أبي الحسين محمد بن الهيثم بن شبانة، وفيه: "ولا حقٌّ عليك قديم" بدل "وَلَا حِلْفٌ هُنَاكَ قَدِيمُ".

<<  <  ج: ص:  >  >>