للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِنّي أتَمِّمُ أَيْسَارِي وَأَمْنَحُهُم ... مَثْنَى الأَيَادِي، وَأَكْسُو الجَفْنَةَ الأُدُمَا (١)

ومن ذلك إهمالُ العرب ما بين اللفظين اللذين من جنس واحد من الفروق وإطلاقهما على معنى متساو، مثاله أن ثمر الأراك إذا كان رطبًا يُسَمَّى البَرَم، فإذا أدرك سُمِّيَ المَرد، فإذا يبس سميَ الكَبَاث. مع أنك تجدهم يطلقون أحدَ هذه الأسماء على حالة غيره، كقول النابغة: "ولا تبيعُ بِجَنْبَيْ نخلَةَ البَرَما" (٢)، والبَرَم لا يأكله الناسُ إلا إذا صار كباثًا، كما ورد في حديث سعد بن أبي وقاص (٣). وقد استعمل طرفة بن العبد في قصيدته اسمين من هذه الأسماء في معنى واحد، إذ قال: "وَفِي الحَيِّ أَحْوَى ينْفُضُ المَرْدَ شَادِنٌ"، وقال: "تَنَاولُ أطْرَافَ البَرِيرِ وَتَرْتَدِي" (٤).


(١) ديوان النابغة الذبياني، ص ٦٣ (نشرة محمد أبو الفضل إبراهيم) وص ٢١٨ (نشرة ابن عاشور). والبيت من قصيدة من بحر البسيط.
(٢) والبيت من القصيدة نفسها المشار إليها في الحاشية السابقة، وتمامه:
لَيْسَتْ مِنَ السُّودِ أَعْقَابًا إِذَا انْصَرَفَتْ ... وَلَا تَبِيعُ بِجَنْبَيْ نَخْلةَ البُرَمَا
المصدر نفسه، ص ٦١.
(٣) الصحيح حديث ابن مسعود، فعن أبي الطفيل أنه "ذهب ابن مسعود وناس معه إلى كباث (الغض من ثمر الأراك) فصعد ابنُ مسعود شجرة ليجتني منها، فنظروا إلى ساقيه فضحكوا من حموشتهما (دقتهما) فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من أي شيء تضحكون؟ "، قالوا: من حموشة ساقي ابن مسعود! فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "والله إنهما لأثقل في الميزان من أحد". ثم ذهب كل إنسان فاجتنى فحلًا يأكله، وجاء ابن مسعود بجنائه قد جعله في حجره، فوضعه بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال:
هَذَا جَنَايَ وَخِيَارُهُ فِيهِ ... وَكُلُّ جَانٍ يَدُهُ إِلَى فِيهِ
فأكل منه النبي - صلى الله عليه وسلم -". قال الحافظ الهيثمي: "رواه الطبراني، وفيه محمد بن عُبَيد الله العرزمي وهو متروك". الهيثمي، نور الدين علي بن أبي بكر: بغية الرائد في تحقيق مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، تحقيق عبد الله محمد الدرويش (بيروت: دار الفكر، ١٤١٤/ ١٩٩٤)، "كتاب المناقب"، الحديث ١٥٥٦٤، ج ٩، ص ٤٧٣ - ٤٧٤.
وقد ورد في حديث جابر بن عبد الله، انظر صحيح البخاري (٣٤٠٦) و (٥٤٥٣)، ومسلم (٢٠٥٠).
(٤) البيتان هما السادس والسابع من المعلقة، وتمامهما: =

<<  <  ج: ص:  >  >>