(١) وتمام كلام أبي حيان: "قد أكثر المصنف [ابن مالك] من الاستدلال بما وقع في الأحاديث على إثبات القواعد الكلية في لسان العرب، وما رأيتُ أحدًا من المتقدمين والمتأخرين سلك هذه الطريقة غيره. على أن الواضعين الأولين لعلم النحو المستقرئين للأحكام من لسان العرب - كأبي عمرو بن العلاء وعيسى بن عمر والخليل وسيبويه من أئمة البصريين، والكسائي والفراء وعلي بن المبارك الأحمر وهشام الضرير من أئمة الكوفيين - لم يفعلوا ذلك، وتبعهم على ذلك المسلك المتأخرون من الفريقين وغيرهم من نحاة الأقاليم كنحاة بغداد وأهل الأندلس"، ثم قال بعد أن ذكر الأسباب الداعية لعدم الاحتجاج بالحديث في التقعيد النحوي: "وإنما أمعنتُ الكلام في هذه المسألة لئلا يقول مبتدئ: ما بال النحويين يستدلون بقول العرب - وفيهم المسلم والكافر - ولا يستدلون بما رُوي في الحديث بنقل العدول كالبخاري ومسلم وأضرابهما؟ فمن طالع ما ذكرناه أدرك السبب الذي لأجله لم يستدل النحاة بالحديث". السيوطي: الاقتراح في علم أصول النحو، ص ٩٠ - ٩١ وص ٩٤. وكلام أبي حيان هذا ورد في كتابه "التذييل والتكميل في شرح كتاب التسهيل"، ولم يتيسر لي الاطلاع عليه. (٢) لم أعثر على نص بعينه يقرر فيه ابنُ مالك رأيه في الاحتجاج بالحديث، ولكن يبدو أن العلماء استنبطوا مذهبَه في ذلك من كثرة استشهاده بالحديث عند تقرير القواعد النحوية وشرحها. وفي ذلك يقول السيوطي: "كان أمة في الاطلاع على الحديث، فكان أكثر ما يستشهد بالقرآن، فإن لم يكن فيه شاهدٌ عدل إلى الحديث، فإن لم يكن فيه شاهدٌ عدل إلى أشعار العرب". السيوطي، جلال الدين عبد الرحمن: بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم (بيروت: دار الفكر، ط ٢، ١٣٩٩/ ١٩٧٩)، ج ١، ص ١٣٤. وانظر بحثًا مستفيضًا لهذه المسألة في: حسين، محمد الخضر: دراسات في العربية وتاريخها (دمشق: المكتب الإسلامي ومكتبة الفتح، ط ٢، ١٣٨٠/ ١٩٦٠)، ص ١٦٦ - ١٨٠.