للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عيادة المريض أو ساعتها أو ساعة عيادة الطبيب. وكذلك المفعلة من اسم المكان الذي يكثر فيه الحُوتُ والأرض التي يكثر فيها الفِيل؛ فإن مَحْوَتَة ومَفْيَلة أظهرُ في المراد من مَحاتَة ومَفَالة.

وكذلك إذا قلنا متانة للمكان الذي يكثر فيه التِّين يلتبس بمصدر مَتَن على وزن فعالة؛ تقول: باعه الدارَ بمتانتها، فتؤول إلى الغرابة المنافية للفصاحة، كما وقع في قول العجاج: "وفَاحِمًا وَمَرْسِنا مُسَرَّجَا" (١)، فلم يتضح مرادُه: هل أراد كالسراج أو كالسيف السريجي.

وألا ترى أنهم فرَّقوا بين استقام فأَعَلُّوه وبين استنوق الجمل فصححوه؛ لأنه ليس له فعلٌ ثلاثي؟ وكذلك استحوذ واستيأس صححوهما؛ لأنهم لم يَبْنُوا منهما فعلًا ثلاثيًّا، بخلاف استقام لأنهم بنوا منه قَام كما تقدم.

ومما يجب التنبيهُ له أن صيغةَ المفعلة المصوغة لكثرة الشيء صنفان: صنفٌ يدل على محل يكثر فيه المسمَّى من ذوي الأسماء الجامدة، وصنفٌ يدل على سببِ كثرةِ الشيء من أسماء المعاني المشتقة. فالصنف الأول هو ما خُضنا فيه آنفًا، والصنف الثاني - وهو قرينُه - كقولهم في الصحيح منه: "الولد مَجْبَنَة مَبْخَلة" (٢)، وقول عنترة: "والكفر مَخبَثَةٌ لنفس المنعم" (٣).


(١) هذا عجز البيت التاسع والثلاثين من الأرجوزة رقم ٣٣، وتمامه:
وَمُقْلَةً وَحَاجِبًا مُزَجَّجَا ... وفَاحِمًا وَمَرْسِنًا مُسَرَّجَا
وتشتمل هذه الأرجوزة على مائة وسبعة وأربعين بيتًا من مشطور الرجز، ومطلعها:
مَا هَاجَ أَحْزَانًا وَشَجْوًا قَدْ شَجَا ... مِنْ طَلَلٍ كَالأَتْحَمِيِّ أَنْهَجَا
ديوان العجاج، ج ٢، ص ١٣ - ٨٢.
(٢) قطعة من حديث أبي سعيد الخدري أخرجه أبو يعلى الموصلي في مسنده ٢/ ٣٠٥ برقم (١٠٣٢)، وتمامه "الولد ثمر القلب وإنه مَجْبَنَةٌ مَحْزَنَةٌ". وانظر سنن ابن ماجه (٣٦٦٦) ومسند أحمد ٢٩/ ١٠٤، رقم (١٧٥٦٢).
(٣) هذا عجز البيت الثامن والستين من المعلقة، وصدره: "نُبِّئْتُ عَمْرًا غَيْرَ شَاكِرٍ نِعْمَتِي". القرشي: جمهرة أشعار العرب، ص ٢٢٠؛ ديوان عنترة، ص ٢١٤ (نشرة مولوي).

<<  <  ج: ص:  >  >>