فأما الحرف الثاني فشكله يحتمل الجيم والحاء المهملة والخاء المعجمة؛ لأن أشكال هذه الحروف الثلاثة في الرسم العربي متحدةٌ ولا تتمايز إلا بأحد أمرين: الإعجام إن كانت الكتابة معجمة، أو دلالة المقام إن كانت الكتابةُ خاليةً عن الإعجام، كما هو غالب حال الكتابة في عصر الخليل حين كان الكتاب يعدون الإعجام عيبًا.
فأما احتمال الخاء معجمة الذي وقع في "محيط المحيط" للبستاني فهو خطأ لا يستقيم معه المعنى بحال، ولم ينقل عن كتاب من الكتب، فلنضرب عنه صفحا.
فبقي احتمالان: أن يكون جاء مهملة وهو أصل الإهمال، أو جيمًا وهو ما بقي. فأما الحاء فهو الأصل في إهمال مثل ذلك الحرف، وعلى ذلك الاعتبار جرت طبعة "المخصص" وغالب نسخ القاموس، وهو الموافق لنسخة من القاموس بخط ومقابلة وتحقيق العلامة الأديب اللغوي محمد الورغي التونسي كاتب دولة الأمير علي بن حسين بن علي سنة ١١١٧ هـ. وإما أن يكون الحرف جيمًا، وهو الذي وقع في النسخة المصرية التي بخط الخفاجي.
وقيام كلا الاحتمالين هو الذي حمل ناسخَ النسخة الحلبية على ترك الإعجام.
ثم ينشأ احتمالُ أن تكون الكلمةُ مركبةً من خمسة حروف بأن تكون المطَّةُ التي بين الحرفين الثاني والثالث سينًا؛ لأن كثيرًا من الخطوط المشرقية يكتب حرف السين دون أسنان بل يكتفي بمطة طويلة، وإن كان ذلك لا يلتبس على الممارسين لكيفيات الخطوط. وبهذا الاحتمال تصير كلمة مركبة من خمسة أحرف فيحدث حرف ثالث هو "سين" وهو الذي نشأت عنه كلمة محسنة الواقعة في نسخة "القاموس" حسبما ذكره صاحب "تاج العروس"، ولعلها من تصرفات بعض الناسخين للقاموس.
فإذا كان هذا اللفظ هو المثبت في أصل كتاب "المخصص"، فالظن أن بعضًا ممن نسخوا القاموس -[و] لهم (١) اطلاعٌ على كتاب "لسان العرب" - يحسبون أنهم
(١) زيادة حرف الواو اقتضاها السياق وموقعها هو إفادة الحالية ليستقيم بذلك مجيء "جملة يحسبون. . ." خبرًا لحرف أن في قوله: "فالظن أن بعضًا. . ."، وذلك هو المساق الصحيح للكلام.