للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيه ركاكة من جهات منها: كون المعنى أجوف دائرًا بين جميع العامة، وكون جلِّ الألفاظ مرذولًا، وذكر البائس والمسكين بعد الشقي وفي الشقي ما يغني عنهما. ومن الركاكة قولُ الخوارزمي يخاطب بديعَ الزمان الهمذاني خطابَ مفاخرة:

وَإذَا قَرَضْتُ الشِّعْرَ فِي مَيْدَانِهِ ... لَا شَكَّ أَنَّكَ يَا أُخَيَّ تَشَقَّقُ (١)

فقوله: "في ميدانه" لا موقع له، وقوله: "يا أخي" لا مقام له؛ لأن الكلام في مقام مناظرة ومشادة. وكذلك لفظ "لا شك"، فإنه ليس من الألفاظ الشعرية.

وإذا قابلوا الجزالة بالرقة، فإنما يريدون بها نسج الكلام على منوال القدماء في الشدة والقوة، كقول أشجع (٢):


= قال: فدفعتها إلى مسرور الخادم، فأوصلها، وتقدم الرشيد إلى إبراهيم الموصلي فغنى فيها، وأمر بإحضار أبي العتاهية فأحضر فلما أحضر قال له: أنشدني قولك: يا عتب سيدتي أمالك دين"، فأنشده إياها، "فأمر له الرشيد بخمسة آلاف درهم". الأغاني (نشرة الحسين)، ج ٢/ ٤، ص ٥٠ (وفيه: "وأنا الذلول" بدل "فأنا الصبور"). وذكر ابن العميد أن الرشيد "وعده أن يزوجه بها، فلما خرج قال له النساء عنه: شبب بها وشهرها في الناس، وإن زوجته إياها حققت عليها ما قال فيها، فأمر له عوضًا من ذلك بخمسين ألف درهم". ابن العديم، كمال الدين أبو حفص عمر بن أحمد بن عبد الله: بغية المطلب في تاريخ حلب، نشرة بعناية علي سويم (أنقرة: الجمعية التاريخية التركية، ١٩٧٦)، ج ٢، ص ٢٥٣.
(١) مناظرته مع بديع الزمان المثبتة في رسائل البديع طبع الجوائب بالآستانة. - المصنف. انظر المناظرة المذكورة في رسائل أبي الفضل بديع الزمان الهمذاني (الآستانة: مطبعة الجوائب، ١٢٩٨ هـ)، ص ١٣ - ٤١ (والبيت من مقطوعة من ثمانية أبيات، ص ٢٣). وانظرها كذلك في، البديعي، يوسف: الصبح المنبي عن حيثية المتنبي، تحقيق مصطفى السقا وزميليه (القاهرة: دار المعارف، ط ٣، ١٩٩٤)، ص ٣٤ - ٤٣.
(٢) هو أشجع بن عمرو، من ولد الشريد بن مطرود السُّلمي، وكان يكنى أبا الوليد. شاعر إسلامي، عاش في العصر العباسي، نشأ بالبصرة. قال الشعر وأجاد فيه، حتى عد من الفحول. وكان الشعر يوم نبغ في ربيعة واليمن، ولم يكن لقيس شاعر، فلما نجم أشجع وقال الشعر افتخرت به قيس. انقطع إلى البرامكة ومدحهم، واختص بجعفر فأصفاه ومدحه، فأعجب به جعفر ووصله إلى الرشيد فمدحه، فأعجب به أيضًا وأمده بالمال، فأثرى وحسنت حاله في أيامه وتقدم عنده، =

<<  <  ج: ص:  >  >>