للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما مخالفةُ قياس التصريف، فهو النطقُ بالكلمة على خلاف قواعد الصرف، كما يقول في الفعل الماضي من البيع بَيَعَ، لجهله بأن حرف العلة إذا تحرك وانفتح ما قبله يُقلَبُ ألفا.

وأما التعقيد، فهو عدمُ ظهور دلالة الكلام على المراد لاختلال في نظمه، ولو كان ذلك الاختلالُ حاصلًا من مجموع أمور جائزة في النحو، كقول الفرزدق يمدح إبراهيم بن هشام المخزومي خال الخليفة هشام بن عبد الملك:

وَمَا مِثْلُهُ فِي النَّاسِ إِلَّا مُمَلَّكًا ... أَبُو أُمِّهِ حَيٌّ أَبُوهُ يُقَارِبُهْ (١)

أراد: وما مثله في الناس حي يقاربه، أي في المجد إلا ملكًا أبو أم الملك أبو هذا الممدوح، فشتت أوصال الكلام تشتيتًا تضل فيه الأفهام (٢).

وأما التنافر فهو ثقلُ الكلمات عند اجتماعها حين تجتمع حروفٌ يعسر النطقُ بها، نحو قول الراجز الذي لا يُعرف:

وَقَبْرُ حَرْبٍ بِمَكانِ قَفْرٍ ... وَلَيْسَ قُرْبَ قَبْرِ حَرْبٍ قَبْرُ (٣)


= وَمَنْ هَابَ أَسْبَابَ المَنَايَا يَنَلْنَهُ ... وَلَوْ رَامَ أَسْبَابَ السَّمَاءِ بِسُلَّمِ
ديوان زهير بن أبي سلمى، اعتنى به علي حسن فاعور (بيروت: دار الكتب العلمية، ط ١، ١٤٠٨/ ١٩٨٨)، ص ١١١.
(١) لم أجده في "ديوان الفرزدق"، وقد ذكره مفردًا ابن قتيبة. الدينوري، ابن قتيبة: كتاب المعاني الكبير في أبيات المعاني، صححه المستشرق سالم الكرنكوي (بيروت: دار النهضة الحديثة، بدون تاريخ)، ص ٥٠٦.
(٢) إذ يتوهم السامعُ أنه يقول لا مثل له إلا ملكًا جده للأم حي وأبوه يقارب جده للأم في المجد أو في العمر، وهذا معنى مضحك. - المصنف.
(٣) هذا الشعر قيل إنه من أشعار الجن، قالوه عندما قتلوا حربًا، وحرب هذا هو جد أمية بن عبد شمس جد معاوية بن أبي سفيان. وقالوا: الدليل على أن هذا البيت من أشعار الجن أن أحدًا لا يستطيع أن ينشده ثلاثَ مرات متصلة لا يتتعتع فيها، ولو كان يستطيع أن ينشد أثقلَ شعر في الأرض وأشقه عشرات المرات ولا يتتعتع ولو كان المتنبي وأبو نواس. وقيل هو للمتنبي. =

<<  <  ج: ص:  >  >>