للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإنه أراد تشبيهَ نفسه بسبع، وتشبيهَ المخاطب بالشيء الذي به يُدافع السَّبُعُ عن نفسه، وذلك لا يُبطِل دلالتَه على المكنية؛ لأن مجردَ إشعار اللفظ بلازم من لوازم المشبَّه به المكنى كافٍ في كونه دليلًا على المكنية (١).

وأما المجاز المركب فهو الكلام التام المستعمل في غير ما وضع للدلالة عليه لعلاقة مع قرينه كالمفرد. ولا يختص بعلاقة المشابهة، بل قد تكون علاقتُه غير المشابهة كالخبر المستعمل في التحسر لعلاقة اللزوم، نحو "هواي مع الركب اليمانين مُصَعَّد"، وكالإنشاء المراد به الخبر، كقوله: "جَاؤُوا بِمَذْقٍ هَلْ رَأَيْتَ الذِّئْبَ قَطْ" (٢)، فيُسمَّى حينئذ مجازًا مركَّبًا فقط. وقد تكون علاقتُه المشابهة، فيُسمى استعارةً تمثيلية وتمثيلًا، نحو: "إني أراك تقدم رجلًا وتؤخر أخرى" (٣)، شبهت حالة


(١) أردتُ بهذا أن أجيب عما يرد على تجويز كون لازم المشبه به في المكنية مستعملًا في معنى مجازي على طريقة المصرحة، على ما جوَّزه صاحبُ الكشاف في: {يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ} [البقرة: ٢٧]، وفي: {فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ} [النحل: ١١٢]، من أنه إذا كان مستعمَلًا في معنى مجازي لم يكن حينئذ من لوازم المكنية. - المصنف. الزمخشري، أبو القاسم جار الله محمود بن عمر بن محمد: الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل، نشرة بعناية محمد عبد السلام شاهين (بيروت: دار الكتب العلمية، ط ١، ١٤١٥/ ١٩٩٥)، ج ١، ص ١٢٤ وج ٢، ص ٦١٤ - ٦١٥.
(٢) جزء من رجز تمامه:
أَقْبَلْتُ أَسْعَى مَعَهُمْ وَأَخْتَبِطْ ... حَتَّى إِذَا جَنَّ الظَّلَامُ وَاخْتَلَطْ
جَاؤُا بِمَذْقٍ هَلْ رَأَيْتَ الذِّئْبَ قَطْ
وقد اختلف في نسبة هذا الرجز، فقيل إنه للعجاج، ولم يثبت. انظر: الدينوري، ابن قتيبة: كتاب المعاني الكبير في أبيات المعاني، تحقيق المستشرق سالم الكرنكوي (بيروت: دار النهضة الحديثة، بدون تاريخ)، ج ١، ص ٢٠٤ (وفيه: "والتبط")؛ الحسني العلوي، هبة الله بن علي بن محمد بن حمزة: أمالي ابن الشجري، تحقيق محمود محمد الطناحي (القاهرة: مكتبة الخانجي، ط ١، ١٤١٣/ ١٩٩٢)، ج ٢، ص ٤٠٧. وفيهما "بضَيح" عوض "بمذق". والراجز يصف رجلًا بالبخل.
(٣) جزء من رسالة من يزيد بن الوليد إلى مروان بن محمد وقد بلغه عنه بعض التردد في بيعته، ونصها: "من عبد الله أمير المؤمنين يزيد بن الوليد إلى مروان بن محمد، أما بعد: فإني أراك تُقدِّم رجلًا وتؤخر أخرى، فإذا أتاك كتابِي هذا فاعتمِدْ على أيِّهما شئت، والسلام". البغدادي، أبو الفرج قدامة بن =

<<  <  ج: ص:  >  >>