للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مَا مَاتَ مِنْ كَرَمِ الزَّمَانِ ... فَإِنَّهُ يَحْيَا لَدَى يَحْيَى بنِ عَبْدِ الله (١)

وقول الحريري:

سِمْ سِمَةً تَحْسنُ آثَارُها ... واشكر لِمَنْ أعطى ولو سِمْسِمَهْ

وَالمَكْرَ مَهْمَا اسْطَعْتَ لَا تَأْتِهِ ... لتقتنيَ السؤْدَدَ وَالمَكْرُمَهْ (٢)

فإن كان التشابه في غالب حروف اللفظين، فهو غير تام، كقوله تعالى: {وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا (١٠٤)} [الكهف: ١٠٤].

ومنه القلب، ويُسمَّى الطرد والعكس. وهو أن يكون الكلامُ إذا ابتدأتَه من حرفه الأخير وذهبتَ كذلك إلى حرفه الأول، يحصل منه عينُ ما يحصل من ابتدائه، كقول القاضي أحمد الأَرَّجاني (٣) (نسبةً إلى أَرَّجان - بفتح الهمزة وتشديد الراء المفتوحة - كورة من كور الأهواز، ويجوز تخفيفُ رائها):


(١) ديوان أبي تمام، ص ٣٢٤. والبيت من قصيدة يمدح فيها يحيى بن عبد الله، وقد جاء في النشرة التي اعتمدنا عليها بلفظ:
مَنْ مَاتَ مِنْ حَدَثِ الزَّمَانِ ... فَإِنَّهُ يَحْيَا لَدَى يَحْيَى بنِ عَبْدِ الله
(٢) الحريري: مقامات الحريري، ص ٥٠١.
(٣) هو ناصح الدين أبو بكر أحمد بن محمد بن الحسين الأرجاني. ولد في أَرَّجان سنة ٤٦٠ هـ، وتوُفِّيَ عام ٥٤٤ هـ. طلب العلم بأصبهان وكرمان، وتولَّى منصب نائب قاضي قضاة خوزستان، ثم تولَّى القضاء بأرجان. وصفه الصفدي في "الوافي بالوفيات" بأنه أحد أفاضل الزمان، لطيف العبارة غواص على المعاني، إذا ظفر بالمعنى لا يدع فيه لمن بعده فضلًا. وكان قاضي القضاة القزويني يعظمه، ويعده من مفاخر العجم، واختار مجموعًا من شعره سماه "الشذر الجاني من شعر الأرجاني". في شعره عذوبة لفظ، وسلاسة معنى، وسهولة عبارة. وديوانه مليء بقصائد المدح، تتخللها سخرية مبطنة يسخر فيها من عدم تقدير الناس لعلمه ومن عدم وجود الخل الوفي. عده الذهبي "حامل لواء الشعر المشرق". قيل: إن الذي جُمع من شعره لا يكون العشر مما كتبه، وقيل إنه كان له في كل يوم ثمانية أبيات ينظمها على الدوام.

<<  <  ج: ص:  >  >>