للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مَوَدَّتُهُ تَدُومُ لِكُلِّ هَوْلٍ ... وَهَلْ كُلٌّ مَوَدَّتُهُ تَدُومُ (١)

فهذا البيت إذا ابتدأته من حرفه الآخر إلى حرفه الأول كان مثلَ ابتدائه من حرفه الأول.

ومنها الاقتباسُ والتضمين. فالاقتباس هو أخذُ شيء من القرآن أو كلام النبوة، والتضمين أخذُ شيء من الشعر المشهور ومزجه مع الكلام نظمًا أو نثرًا، ولو مع اختلاف الغرضين، ولو مع تغيير يسير. فمن الاقتباس قولُ الحريري في المقامة الثانية: "فلم يكن إلا كلمح البصر أو هو أقرب، حتى أنشد فأغرب" (٢). ومن التضمين قولُ ضياء الدين موسى بن ملهم الكاتب في هجاء الرشيد عمر الفَوِّي، وكان أصلع وأسنانه بارزة:

أَقُولُ لِمَعْشَرٍ جَهَلُوا وَغَضُّوا ... مِنَ الشَّيْخِ الرَّشِيدِ وَأَنْكَرُوهُ

هُوَ ابْنُ جَلَا وَطَلَّاعِ الثَّنَايَا ... مَتَى يَضَعُ العِمَامَةَ تَعْرِفُوهُ (٣)


(١) البيت من قصيدة قالها الشاعر يعتذر ويمتدح ذا منصب. ديوان الأرجاني، نشرة بعناية قدري مايو (بيروت: دار الجيل، ١٤١٨/ ١٩٩٨)، ج ٢، ص ٢٦٣.
(٢) الحريري: مقامات الحريري، ص ٣٠.
(٣) البيتان ذكرهما العباسي في معاهد التنصيص، ج ٢، ص ١٧٧. والبيت الثاني - وهو محل الشاهد - أصله لسحيم بن وثيل، وهو قوله:
أَنَا ابْنُ جَلَا وَطَلَّاعُ الثَّنَايَا ... مَتَى أَضَعِ العِمَامَةَ تَعْرِفُوني
والشاعر هو سحيم بن وثيل بن عمرو، الرياحي اليربوعي، الحنظلي التميمي. كان فارسًا شجاعًا، وشاعرًا مجيدًا، شريفًا في قومه، ذائعَ الصيت بينهم. شاعر مخضرم تُوُفِّيَ سنة ٦٠/ ٦٨٠. ذكر ابن دريد أنه عاش أربعين سنة في الجاهلية وستين في الإسلام، فناهز عمره المائة. له أخبار مع زياد بن أبيه، ومفاخرة مع غالب بن صعصعة والد الفرزدق. وتُعَدُّ قصيدتُه التي مطلعها البيت المذكور أشهرَ شعره، فانظرها بتمامها في: الأصمعي، أبو سعيد عبد الملك بن قريب: الأصمعيات، تحقيق سعدي ضناوي (بيروت: دار الكتب العلمية، ط ١، ١٤٢٤/ ٢٠٠٤)، ص ١٣ - ١٥؛ البغدادي: منتهى الطلب من أشعار العرب، ص ٧٦٣ - ٧٦٤. وقد ذكره ابن سلام في الطبقة الثالثة من الشعراء الإسلاميين. طبقات الشعراء، ص ١٧٤ - ١٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>