للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

السائر: "وقد قيل: ينبغي للكاتب أن يتعلق بكل علم" (١)، وأهم ما يفتقر إليه أنواع ثمانية: علم العربية، وأمثال العرب العاربة ومن بعدهم، وأيا مهم ووقائعهم، والاطلاع على كلام المتقدمين من الكتاب في النظم والنثر وحفظ كثير منها، ومعرفة الأحكام السلطانية، وحفظ القرآن والتدرب به، و [حفظ] مشهور الأخبار النبوية (٢).

ولم يكن فنُّ الإنشاء مخصوصًا بالتأليف، ولكنه كان من جملة فنون آداب اللغة العربية، فيوجد بعضُ مسائله متناثرًا في كتب البلاغة ومختارات خطب العرب وملحهم وبدائه أجوبتهم وأمثالهم، فتكون مسائلُه مشمولةً بالرواية من أواخر عصر الدولة الأموية؛ إذ كان ابنُ القرية (٣) قد عُني بنوادر العرب ومُلَحهم. ثم


(١) ابن الأثير: المثل السائر، ج ١، ص ٢٧. وقال أيضًا (ص ٤٨): "وبالجملة فإن صاحب هذه الصناعة يحتاج إلى التشبث بكل فن من الفنون، حتى إنه يحتاج إلى معرفة ما تقوله النادبة بين النساء والماشطة عند جلوة العروس، وإلى ما يقوله المنادي في السوق على السلعة، فما ظنك بما فوق هذا؟ والسبب في ذلك أنه مؤهل لأن يهيم في كل واد، فيحتاج أن يتعلق بكل فن".
(٢) لخص المصنفُ هنا كلامَ ابن الأثير في أنواع العلوم التي يُحتاج إليها في صناعة تأليف الكلام: المثل السائر، ج ١، ص ٢٨ - ٤٨؛ الجامع الكبير، ص ١٢٨ - ١٤٠. هذا وقد صنف ابن أبي الحديد كتابًا نقض فيه كتاب "المثل السائر" لابن الأثير، وقال بشأن اشتراط العلوم المذكورة: "أقول: هذا الكلام من أُبَّهَاتِ الكتاب وتزويقاتهم، ولا يُعَوِّلُ عليه مُحصِّل. وهذه الفنون التي يذكرها الكتابُ، ويزعُمون أن الكتابةَ مفتقرَة إليها، إن أردوا بها ضرورتها لها فهذا باطل؛ لأن سَحبان وقُسًّا وغيرهما من خطباء العرب ما كانت تعرفها، وكذلك مَن كان في أول الإسلام من الخطباء كمعاوية وزياد وغيرهما. وإن أرادوا أنها متممة ومكملة فهذا حق، ولكن عدَمها لا يقتضي سلبَ اسم الكتابة، مع أن كل ما يحتاجُ إليه الكاتب يحتاج إليه الشاعرُ وزيادة". ابن أبي الحديد: الفلك الدائر على المثل السائر، ملحق بكتاب المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر، تحقيق أحمد الحوفي وبدوي طبانة (القاهرة: دار نهضة مصر للطبع والنشر، بدون تاريخ)، ج ٤، ص ٤٠ - ٤١.
(٣) اسمه أيوب. والقِرِّية - بكسر القاف وكسر الراء مشددة وتشديد التحتية - هي أم جد جد أبيه، قتله الحجاج سنة ٨٤. - المصنف. وقد نقلنا هذه الحاشية من كتاب المصنف "أليس الصبح بقريب" (تحقيق محمد الطاهر الميساوي [حلب/ الخرطوم: دار الملتقى وهيئة الأعمال الفكرية، ط ١، ١٤٣١/ ٢٠١٠]، ص ٦٥، الحاشية رقم ٣). وابن القرية هو أبو سليمان أيوب بن زيد بن قيس الهلالي النمري، كان أعرابيًّا فصيحًا، واعظًا بليغًا، قتله الحجاج لخروجه مع عبد الرحمن بن الأشعث في معركة دير الجماجم. ذكر الطبري في أخبار السنة الرابعة والثمانين أن ابن القرية =

<<  <  ج: ص:  >  >>