للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلْيقتصِرْ على قدر الحاجة؛ فإنه إن زادَ على ذلك سَمُج، كما ترى في مُستطرَدات "حياة الحيوان" (١).

ولقد نال شيءٌ من ذلك بعضَ مواضع كتاب "كليلة ودمنة" لابن المقفع، على مكانته من علم البلاغة، إلا أنه كان كتابًا مترجمًا من لغة الفرس. ومن وجيزِ مُسْتَطْردَاتِه قولُه: "فلما قرب ذو القرنين من فُورِ الهندِيِّ، وبلغه ما قد أعدَّ له من الخيل التي كأنها قِطعُ الليل، مِمَّا لم يلقَهُ بمثلِه أحدٌ من الملوك الذين كانوا في الأقاليم، تخوَّف ذو القرنين من تقصيرٍ يقع به إن عجَّل المبارزة. . ." إلخ (٢)، فلقد أسرع الرجوعَ إلى الغرض.

وقولُ الفتح في "قلائد العقيان": " [أخبرني ابن زرقون] أنه حضر مَجلسَ راح، ومَكنِس ظِباءٍ وأفراح، وفيهم جماعةٌ منهم الوزيرُ أبو بكر [بن القَبْطُرْنة]، شيخ الفُتُوَّة ومعرِضُ فتياتها المجلوة، ومعهم سعد بن المتوكِّل وهو غلام ما نضَا عنه الشبابُ بردَه، ولا أَذْوَى ياسَمينَه ولا وَردَه، فكان الوزيرُ وأخواه [أبو محمد وأبو


(١) "حياة الحيوان الكبرى" كتاب من تصنيف أبي البقاء محمد بن موسى بن عيسى الدميري المتوفَّى سنة ٨٠٨ هـ.
(٢) ورد هذا الكلام في مقدمة للكتاب وصفها ابن المقفع بأنها من "وضع بهنود بن سحوان ويُعرف بعلي بن الشاه الفارسي، ذكر فيها السبب الذي من أجله عمل بيدبا الفيلسوف الهندي رأس البراهمة لدبشليم ملك الهند كتابه الذي سماه كليلة ودمنة، وجعله على ألسنة الحيوانات"، وفي هذه المقدمة ذكرٌ لذي القرنين وملك الهند. ومن الغريب أن هذه المقدمة غير موجودة في النشرة التي حققها العلامة عبد الوهاب عزام عليه رحمة الله، ونشرتها دار الشروق بالقاهرة بعناية عدد من الأساتذة. ويجدر التنبيه هنا إلى اختلاف الناشرين في نسبة الكتاب، فبعضهم ينسبه إلى بيدبا بينما ينسبه آخرون إلى عبد الله بن المقفع. انظر مثلًا: بيدبا الفلسوف: كتاب كليلة ودمنة، ترجمة عبد الله بن المقفع (القاهرة: المطبعة الأميرية ببولاق، ١٩٣٧)، ص ٩ و ١١؛ ابن المقفع، عبد الله: كليلة ودمنة (القاهرة: كلمات عربية للترجمة والنشر، ٢٠١١)، ص ٩ - ١٠. وقارن: ابن المقفع، عبد الله: كليلة ودمنة، تحقيق عبد الوهاب عزام وتقديم أحمد طالب الإبراهيمي (القاهرة: دار الشروق/ الجزائر: الشركة الوطنية للنشر والتوزيع، ط ٢، ١٤٠١/ ١٩٨١)، وقد حليت هذه النشرة بأنها "أكملُ النسخ وأصحها وأقدمها".

<<  <  ج: ص:  >  >>