للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحسن] مُختَصِّين بالفضلِ أخيه، اختصاصَ الأنوار بالكمائم، واللَّبَّات بالتمائم، فتذاكروا فقدَه، وكيف شفى منه الزمنُ حِقدَه. . . فهاج شجوُه، وبَانَ طربُه ولهوُه، وأرسل مدامعَه سجالًا، وقال ارتجالًا. . ." إلخ (١).

وكذا من الشعر قولُ النابغة:

فَمَا الْفُرَاتُ إِذَا جَاشَتْ غَوَارِبُهُ ... تَرْمِي أَوَاذِيُّهُ الْعَبْرَيْنِ بِالزَّبَدِ

يُمِدُّهُ كُلُّ وَادٍ مُتْرَعٍ لَجِبٍ فِيهِ ... رُكَامٌ مِنَ الْيَنْبُوتِ وَالْخَضَدِ

يَظَلُّ مِنْ خَوْفِهِ المَلَّاحُ مُعْتَصِمًا ... بِالْخَيْزُرَانَةِ بَعْدَ الأَيْنِ وَالنَّجَدِ

يَوْمًا بِأَجْوَدَ مِنْهُ سَيْبَ نَافِلَةٍ ... وَلَا يَحُولُ عَطَاءُ الْيَوْمِ دُونَ غَدِ (٢)

وربما طال الاستطرادُ لاقتضاء المقام ذلك، فيناسب عند الرجوع إلى الغرض المقصود أن يُنَبَّهُ السامعُ لذلك بإعادة الكلمة التي تربط الغرض، مثل كلمة "لولا" في قوله تعالى: {فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ (٨٣)} إلى قوله: {فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ (٨٦) تَرْجِعُونَهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٨٧)} [الواقعة: ٨٣ - ٨٧]؛ لأن أصلَ الكلام: "فلولا إذا بلغت الحلقوم ترجعونها إن كنتم صادقين في أنكم غير مربوبين". (٣)


(١) الفتح بن خاقان: قلائد العقيان (نشرة ابن عاشور)، ص ١١٧؛ قلائد العقيان (نشرة خريوش)، ج ١، ص ١٤٠ - ١٤١.
(٢) الأبيات هي الثالثُ حتى السادس قبل الأخير من قصيدةٍ طويلة يمدح فيها الشاعرُ النعمانَ بن المنذر ويعتذر إليه مما بلغه عنه بشأن وصفه للمتجردة زوج النعمان. ديوان النابغة الذبياني، ص ٨٧ - ٨٨ (نشرة ابن عاشور)؛ ص ٢٦ - ٢٧ (نشرة محمد أبي الفضل إبراهيم). وتجدر الإشارةُ هنا إلى أن هناك اختلافًا غير يسير بين النشرتين في ضبط أبيات هذه القصيدة.
(٣) قال المصنفُ في تفسير هذه الآية وبيان دلالة نظمها: "فبقي الإشكالُ في جعل "ترجعونها" من جملة جواب شرط إنْ؛ إذ لا يلزم من عدم قدرتهم على صدِّ الأرواح عن الخروج، أن يكون خروجُها لإجراء الحساب. ودَفْعُ هذا الإشكال وجوبُ تأويل "ترجعونها" بمعنى تحاولون إرجاعَها، أي عدمُ محاولتكم إرجاعَها منذ العصور الأولى دليلٌ على تسليمكم بعدم إمكان إرجاعها، وما ذلك إلا لوجوب خروجها من حياة الأعمال إلى حياة الجزاء. وأصلُ تركيب هذه الجملة: إذا كنتم =

<<  <  ج: ص:  >  >>