للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

خطب بها في مجلس معاوية، وقيل سميت بذلك لحسنها (١).

ويُستحسَنُ في الديباجة الإيجازُ والارتباطُ بالمقصود، ويُسمَّى ذلك ببراعة الاستهلال (٢)، كما يُستحسَنُ فيها الاعتناءُ بالبلاغة والصناعة. ويحسن وقعُ السَّجْعِ فيها؛ لأنه يضارع الشعرَ فينشط النفسَ ويهيئ الأذهانَ إلى ما سيلقى إليها. وليس يصعب على الخطيب الحاذق التأني في الفاتحة؛ لأنها لما كانت مشتملةً على أمورٍ عمومية أمكن تحضيرُها من قبل في النفس، وإنما يظهر الحذق في حسن مناسبتها للغرض وإشارتها إليه. وقد عد علماء البلاغة فاتحةَ الكلام من مواضع تأنق المتكلم.

[الركنُ] الثاني: التخلصُ، وهو موقع "أما بعد" ونحوها، مثل "أيها الناس". والشرط فيه أن تكون الديباجةُ قد هيأت النفوسَ وأشعرت بالغرض المطلوب.

[الركنُ] الثالث: المقدمةُ، وهي مبدأ الخطبة في الحقيقة، ونعني بها الكلام الذي يقصد منه تهيئة نفوس السامعين لتلقي ما سيلقى إليهم بالتسليم. وطريقة ذلك أن يستعين الخطيب بما يعلم من سجايا الأقوام ومقادير انفعالاتهم على اختلاف الطبقات والعصور والعقائد، فيأتي لكل فريق بمقدمات تهيئ لقبول


= بدون تاريخ)، الحديثان ١ و ٢، ج ١، ص ١٧٣ - ١٧٤؛ سنن ابن ماجه بشرح الإمام أبي الحسن الحنفي المعروف بالسندي، تحقيق خليل مأمون شيحا (بيروت: دار المعرفة، ط ١، ١٤١٦/ ١٩٩٦)، "كتاب النكاح"، الحديث ١٨٩٤/ ٣، ج ٢، ص ٤٣٦؛ سنن ابن ماجه، علق عليه محمد ناصر الدين الألباني، نشرة بعناية أبي عبيد مشهور بن حسن آل سلمان (الرياض: مكتبة المعارف للنشر والتوزيع، ط ١، بدون تاريخ)، "كتاب النكاح"، الحديث ١٨٩٤، ص ٣٣٠؛ البلوشي، عبد الغفور ابن عبد الحق بن حسين: "تفصيل المقال على حديث كل أمر ذي بال"، مجلة البحوث الإسلامية (تصدر عن الرئاسة العامة للبحوث والإفتاء بالمملكة العربية السعودية)، العدد ٣٩، ١٤١٤ هـ.
(١) إذ الشوهاء في كلام العرب قد يطلق على العابسة والجميلة. - المصنف.
(٢) وقد قرر ذلك عبد الله بن المقفع في عبارة رشيقة حيث قال: "وليكن في صدر كلامك دليل على حاجتك". الجاحظ: البيان والتبيين، ج ١/ ١، ص ٨٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>