للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أقول إتْمامًا لذكر الزندقة: وفي سنة ١٦١ هـ قتل المهديُّ محمدَ بن أبي عبيد الله وزيرِ المهدي على تهمة الزندقة، ثم قَتل الهادي سنة ١٦٩ هـ عليَّ بن يقطين من الزنادقة الذي ذكره بشار في بعض شعره (١)، ويعقوبَ بن الفضل بن عبد الرحمن [بن عباس] بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطب، وكان أقر بالزندقة لدى المهدي فسجنه؛ لأنه كان أقسم ألا يقتلَ هاشميًّا، وعهد للهادي أنه إنْ ولِيَ الخلافة يقتله. ومن الزنادقة أحد أولاد داود بن علي بن عبد الله بن عباس، سُجن ومات في السجن سنة ١٦٩ هـ. وكان يونس بن [أبي] فروة ويزيدُ بن الفَيض قد اختفيا منذ زمن المهدي، ولم يزالا مختفيين حتى سنة ١٧٥ هـ.

وكان الخلفاء قد يُظهِرون الشدة في ذلك، ويشايعون أميالَ العامة، ذكر ابن الأثير أن المنصور لما غضب على محمد بن سليمان بن علي عامِلِه على الكوفة، لقَتْلِه عبدَ الكريم بن أبي العوجاء على تهمة الزندقة، كتب المنصور كتابًا يهدّد فيه محمد بن سليمان ويأمر بعزله، وأخبر بذلك عمه عيسى بن علي، فقال له عيسى: "إن محمدًا إنما قتله على الزندقة، فإن كان أصاب فهو لك، وإن أخطأ فعليه، ولئن عزلتَه على إثر ذلك ليذهبن بالثناء والذكر ولترجعن بالقالة من العامة عليك، فمزق الكتاب" (٢).


= أثبت من الأول". الصفدي: نكت الهميان في نكت العميان، ص ١٧١؛ ابن المعتز: طبقات الشعراء، ص ٩٠ - ٩١.
(١) وذلك كما في قوله:
حَتَّى مَتَى لَيْتَ شِعْرِي يَا ابْنَ يَقْطِينِ ... أُثْنِي عَلَيْكَ بِمَا لَا مِنْكَ تُولِينِي
أَمَا عَلِمْتَ جَزَاكَ صَالِحةً ... عَنِّي وَزَادَكَ خَيْرًا يَا ابْنَ يَقْطِينِ
أَنِّي أُرِيدُكَ لِلدُّنيا وَزِينَتِهَا ... وَلَا أُرِيدُكَ يَوْمَ الدينِ لِلدِّينِ
ديوان بشار بن برد، ج ٢/ ٢، ص ٢٣٤.
(٢) ابن الأثير: الكامل في التاريخ، ج ٥، ص ٢٠٧. وتمام كلام ابن الأثير أن المنصور لَمَّا بلغه مقتلُ ابن أبي العوجاء على يد محمد بن سليمان، غضب وقال: "والله لقد هممت أن أقيده به (يعني أن يقتل محمد بن سليمان بابن أبي العوجاء)، ثم أحضر عمه عيسى بن علي وقال له: هذا عملك أنت، أشرت بتولية هذا الغلام الغر، قتل فلانًا بغير أمري، وقد كتبت بعزله وتهديده، فقال عيسى: إن محمدًا إنما قتله على الزندقة، فإن كان أصاب فهو لك، وإن أخطأ فعليه. ولئن عزلته على أثر =

<<  <  ج: ص:  >  >>