للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إِلَى القَائِمِ المَهْدِيِّ أَعْمَلْتُ نَاقَتِي ... بِكُلِّ فَلَاةٍ آلُها يَتَرَقْرَقُ (١)

ومعلومٌ أنهم يرمون بذلك إلى إيهام أن الناس قد فسدوا، والباطل قد عمّ في زمن بني أمية، فلا جَرَمَ أن يكون المهديُّ العباسيّ مجدِّدَ الدين ومالئَ الأرضِ عدلًا بعد أن مُلئَتْ جورًا، كما جاء في الأثر الموضوع (٢). والعامّةُ لا يُدركون من معنى العدل إلا مثلَ هذه الظواهر؛ لأنهم في غفلةٍ عن جزئياتِ الحوادث ودقائق الجور والعسف. وقد أشار بشارٌ إلى شيءٍ من ذلك في مديحه للمهدي (٣). وقد قال بشار يمدحه (في الورقة ٢٦٧):

وَعنْدَكَ عَهْدٌ منْ وَصَاةِ مُحَمَّد ... فَرَعْتَ بهَا الأَمْلَاكَ منْ وَلَدِ النَّضْرِ (٤)


(١) الأصفهاني: كتاب الأغاني، ج ٣، ص ٢٨٦ (نشرة القاهرة)؛ الأغاني، ج ١/ ٣، ص ٧٥١ (نشرة الحسين). وابن المولى هو محمد بن عبد الله بن مسلم بن المولى، مولى الأنصار. شاعر مجيد من مخضرمي الدولتين الأموية والعباسية.
(٢) يشير المصنف بذلك إلى الأثر التالي من الآثار الواردة في المهدي: "لو لم يبق من الدهر إلا يوم، لبعث الله رجلًا من أهل بيتي يملؤها عدلًا كما مُلِئتْ جورا"، وقد سبق كلامه عليه في المحور الأول من هذا المجموع.
(٣) انظر البيت التاسع من ورقة ٧٨ والتعليق عليه. - المصنف. جاءت هذه الإحالة في المتن ورأينا وضعها في الحاشية أولَى. والبيت هو:
يَحْثِي لِهَذَا وَذَا وَذَاكَ وَلَا ... يَحْسبُ مَعْرُوْفَهُ كَمَنْ حَسَبَا
قال المصنف في تعليقه على هذا البيت: "أشار بقوله: يَحْثِي لِهَذَا وَذَا وَذَاكَ، إلى ما رُوي في بعض الأخبار عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن في أمتي المهدي فيجيء إليه الرجل فيقول: يا مهدي أعطني، فيحثي له في ثوبه ما استطاع أن يحمله والمال يومئذ كُدُوس"، وفي رواية عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يكون في أمتي المهدي والمال كدوس، يقوم الرجل فيقول: يا مهدي أعطني، فيقول: خذ"، وهي أحاديث ضعيفة. وقد أعلمناك في المقدمة أن المهديَّ كان يُلمِّح إلى أنه المهديُّ المنتظر، وكان ذلك شائعًا بين أنصاره ومداحيه". ديوان بشار بن برد، ج ١/ ١، ص ٣٤٦. والبيت هو الخمسون من قصيدة من واحد وسبعين بيتًا من بحر المنسرح، قالها بشار في مدح المهدي في السنة الثانية من خلافته. (انظر القصيدة في المصدر نفسه، ص ٣٤٠ - ٣٤٨). وانظر مناقشة شاملة لأحاديث المهدي في الفرع الأول من المحور الأول من هذا المجموع.
(٤) قال المصنف في التعليق على هذا البيت: "يعني أن المهدي الذي جاء في الآثار التي كانت رائجةً يومئذ مثل ما نسبوه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -: المهدي منا - أو من ولد العباس - اسمه كاسمي، واسم أبيه =

<<  <  ج: ص:  >  >>