للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[يوسف: ٨٠] على هذا المعنى. وفسّرها أبو منصور البغدادي بأنها رجعة عليّ برجعة الأموات، وذلك في الدنيا قبل يوم القيامة، وهو رأي الكاملية من الرافضة (١).

ونُسب إلى الشعوبية، ولعلها كانت تبدو منه في محادثاته ومجالساته. ونسب إلى التشيع، وشعره شهيدٌ بذلك، وقد كان التشيع شائعًا بعد سقوط الدولة الأموية. ولا أشك في أن بشارًا كان من المتعصِّبين إلى بني أمية، وأن إظهارَه التشيعَ مصانَعةٌ وتقيّة. وقد نُسب إلى الإلحاد والتعطيل والدهرية.

ونُسب إلى الرفض، فقد ذكر الأستاذ أبو منصور في كتاب "الفرق بين الفرق" أن بشارًا كان من الكامليّة، وهم أصحابُ أبي كامل الذي كان يدين بتكفير الصحابة لتركهم بيعةَ عليّ وبتكفير علي لتركه قتالَهم (وهم الذين لم يقولوا بجواز التقيّة مثل بقية الشيعة) قال: " [وحكى أصحابُ المقالات عن بشار أنه] ضم إلى ضلالته هذه ضلالتين أخريين: إحداهما قولُه برجعته (يعني علي بن أبي طالب) إلى الدنيا قبل يوم القيامة، كما ذهب إليه أصحابُ الرجعة من الرافضة، الثانية قوله بتصويب إبليس في تفضيل النار على الأرض". (٢)

وأما ما نسبوه إليه من الشعوبية - وهي كراهيةُ العرب وتحقيرُهم - فالظاهر أن بشارًا كان ينزع إلى ذلك بعد أن أعتَد له أعداؤه ومنافسوه التحقيرَ بالولاء، فألجأه ذلك إلى الابتداء بالافتخار بنسبه الفارسي، ثم بالتبرم من الولاء. فلذلك كان يقابل محقِّري نسَبه العجميّ بالافتخار بالعَجَم، ويقابل محقِّريه من القحطانيين بالفخر والانتماء إلى ولاء مُضَر، ولا سيما عند شبُوب حميّة اليمنيين والمضريين في عهد انتقال الخلافة من الأمويين إلى العباسيين؛ إذ كانت شيعةُ بني أمية من مضر وشيعة بني العباس من


(١) الإسفرائيني عبد القاهر البغدادي: الفرق بين الفرق، ص ٤٢.
(٢) المرجع نفسه، ص ٤٢ - ٤٣. وما بين معقوفتين لم يورده المصنف.

<<  <  ج: ص:  >  >>