للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَا مَنْظَرًا حَسَنًا رَأَيْتُهْ ... مِنْ وَجْهِ جَارِيَةٍ فَدَيْتُهْ

الأبيات. ومنها قوله:

[وَيَشُوقُنِي بَيْتُ الحَبِيـ ... ـبِ إِذَا ادَّكَرْتُ وَأَيْنَ بَيْتُهْ]

قَامَ الخَلِيفَةُ دُونَهْ ... فَصَبَرْتُ عَنْهُ وَمَا قَلَيْتُهْ"

"ثم أنشده ما مدحه به بلا تشبيب، فحرمه ولم يعطه شيئًا". (١)

أقول: قد كان عمر بن الخطاب سبق المهدي إلى مثل هذا، روى عبد الله بن السيّد البَطَلْيوسي في "الاقتضاب في شرح أدب الكتاب" في الجزء الثالث أن عمر بن الخطاب كان عهد إلى الشعراء ألا يشبّب رجلٌ بامرأة، وتوعّدهم على ذلك، فكان الشعراء يُكَنُّون عن النساء بالشَّجَر (٢)، ولذلك قال حُمَيد بن ثَوْر:

سقَى السَّرْحَةَ المِحْلَالَ وَالأَبْرَقَ الَّذِي ... بِهِ الشَّرْيُ غَيْثٌ دَائِمٌ وَبُرُوقُ

وَهَلْ أَنَا إِنْ عَلَّلْتُ نَفْسِي بِسَرْحَةٍ ... مِنَ السَّرْحِ مَأْخُوذٌ إِلَيَّ طَرِيقُ

أَبَى اللهُ إلَّا أَنَّ سَرْحَةَ مَالكٍ ... عَلَى كُلِّ أَفْنَانِ العِضَاهِ تَرُوقُ (٣)


(١) الأصفهاني: كتاب الأغاني، ج ٣، ص ٢٣٩ - ٢٤٠ (نشرة القاهرة)؛ الأغاني، ج ١/ ٣، ص ٧١٢ (نشرة الحسين)؛ ديوان بشار بن برد، ج ١/ ٢، ص ١٩. والأبيات من قصيدة من مجزوء الكامل، وما بين المعقوفتين ذكره الأصفهاني ولم ينقله المصنف.
(٢) قال عبد القادر البغدادي خلال تعليقه على بيت "أَلا يا نخلة" الذي سيأتي ذكره بعد هذا: "وأصل ذلك (يعني الكناية عن النساء بالشجر وغيره) أن عمر بن الخطاب كان نهى الشعراء عن ذكر النساء في أشعارهم لما في ذلك من الفضيحة، وكان الشعراء يكنون عن النساء بالشجر وغيره". خزانة الأدب، ج ٢، ص ١٩٣.
(٣) روى الأصفهاني في سبب نظم الشاعر هذه الأبيات أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - تقدم "إلى الشعراء ألا يُشبب أحدٌ بامرأة إلا جلده، فقال حُميد بن ثور:
أَبَى اللهُ إِلَّا أَنَّ سَرْحَةَ مَالِكٍ ... عَلَى كُلِّ أَفْنَانِ العِضَاهِ تَرُوقُ
فَقَدْ ذَهَبَتْ عَرْضًا وَمَا فَوْقَ طُولِهَا ... مِنَ السَّرْحِ إِلَّا عَشَّةٌ وَسَحُوقُ
فَلَا الظِّلَّ مِنْ بَرْدِ الضُّحَى تَسْتَطِيعُ ... وَلَا الفَيْءَ مِنْ بَرْدِ العَشِيِّ تَذُوقُ =

<<  <  ج: ص:  >  >>