للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو - فيما رأيت - أولُ شاعرٍ ذكر شربَ الخمر على ذكر الأحبة في الحزن وضده، كقوله في الديوان:

فَاشْرَبْ عَلَى مَوْتِ إِخْوَانٍ رُزِئْتَهُمُ ... بَابُ المَنِيّةِ عَنِّي غَيْرُ مَسْدُودِ (١)

وقوله في الملحقات:

فَاشْرَبْ عَلَى أُبْنَةِ الزَّمَانِ فَمَا ... تَلْقَى زَمَانًا صَفَا مِنَ الأُبنِ (٢)

وقوله أيضًا:

فَاشْرَبْ عَلَى حَدَثَانِ الدَّهْرِ مُرْتَفِقًا ... لَا يَصْحَبُ الهَمُّ قَرْعَ السِّنِّ بِالكَاسِ (٣)

وقد سرى ابتكارُ بشار من ابتكاره المعاني إلى أن ابتكر الأساليب، فنظم الشعرَ على طريقةٍ لم تكن معروفة، وهي طريقة المراسلة، و [من] ذلك رسالةٌ شعرية راسل بها عَبدة، وهي في الديوان:

مِنَ المَشْهُورِ بِالحُبِّ ... إِلَى قَاسِيَةِ القَلْبِ

سَلَامُ الله ذِي العَرْشِ ... عَلَى وَجْهِكِ يَا حِبِّي

فَأَمَّا بَعْدُ يَا قُرَّ ... ةَ عَيْنِي وَمُنَى قَلْبِي (٤)

إلى آخره.


(١) ديوان بشار بن برد، ج ٢/ ٣، ص ١٤٣. والبيت من قصيدة من خمسة وثلاثين بيتًا من بحر البسيط قيلت في التحسر على صديقين أحدهما صالح بن عبد القدوس، وفيها يفخر بشار بجلده وصبره على المصائب، كما يتعرض لهجاء حماد عجرد.
(٢) البيت هو الثالث من مقطوعة من تسعة أبيات. الأصفهاني: كتاب الأغاني، ج ٣، ص ٢٤١ (نشرة القاهرة)؛ الأغاني، ج ١/ ٣، ص ٧١٣ (نشرة الحسين)؛ ديوان بشار بن برد، ج ٢/ ٤ (الملحقات)، ص ٢٣٠.
(٣) البيت هو الأخير من أربعة قالها بشار في التذمر من هموم الدهر. المختار من شعر بشار، ص ١٦٦؛ ديوان بشار بن برد، ج ٢/ ٤ (الملحقات)، ص ١٠٠.
(٤) الأبيات من مقطوعة من ثمانية أبيات من بحر. ديوان بشار بن برد، ج ١/ ١، ص ٢٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>