للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أبو عمرو بن العلاء: أهجَى بيتٍ قولُ بشار:

رَأَيْتُ السُّهَيْلَيْنِ اسْتَوَى الجُودُ فِيهِمَا ... عَلَى بُعْدِ ذَا مِنْ ذَاكَ فِي حُكْمِ حَاكِمِ

سُهَيْلُ بنُ عُثْمَانَ يَجُودُ بِمَالِهِ ... كَمَا جَادَ بِالوَجْعَا سُهَيْلُ بنُ سَالِمِ (١)

وأما باب النسيب فهو فاتحه على مصراعيه، وتارك امرئ القيس فيه عيِيًّا. وقد أبدع بشار في وصف خلوات الحب، ومشاكلة المتحابين، وتوسّط الرسل، ومراقبة الرقباء، وعَذْل العذَّال، بما لم يسبقه إلى تفصيل التوصيف فيه أحدٌ من الشعراء. وهو الذي فتح لأبي نواس وأتباعه هذه الطريقة، وانظر قصيدتَه التي أولُها:

تَعَجَّبَتْ جَارَتِي مِنِّي وَقَدْ رَقَدَتْ ... عَنِّي العُيُونُ وَبَاتَ الهَمُّ مُحْتَشِدَا (٢)

تجدْ خمسين بيتًا في صفة زيارته محبوبته سعدَى.

وأما المديح فقد قيل لأبي عمرو بن العلاء: من أمدح الناس؟ قال الذي يقول (يعني بشارًا):

لمَسْتُ بِكَفِّي كَفَّهُ أَبْتَغِي الغِنَى ... وَلَمْ أَدْرِ أَنَّ الجُودَ مِنْ كَفِّهِ يُعْدِي

فَلَا أنا مِنْهُ مَا أَفَادَ ذَوُو الغِنَى ... أَفَدْتُ وَأَعْدَانِي فَأَتْلَفْتُ مَا عِنْدِي (٣)


= بالنصب بدل الرفع. وقال: "ورُوي في كتب الأدب: فكشف، عوض فرفع". المصدر نفسه، ص ٢٤٣ (الحاشية رقم ٥).
(١) سنذكرهما في الملحقات ونبين مراده بهما. - المصنف. الأصفهاني: كتاب الأغاني، ج ٣، ص ١٥١ (نشرة القاهرة)؛ الأغاني، ج ١/ ٣، ص ٦٥١ (نشرة الحسين)؛ ديوان بشار بن برد، ج ٢/ ٤ (الملحقات)، ص ٢٠٤. والوجْعَاء: الدبر، قصره للضرورة.
(٢) ديوان بشار بن برد، ج ١/ ٢، ص ١٣٨. والقصيدة من تسعة وخمسين بيتًا من بحر البسيط، وهي في النسب بسعدى.
(٣) البيتان رواهما أبو تمام وأبو الفرج دون نسبة. أبو تمام حبيب بن أوس الطائي: ديوان الحماسة برواية الجواليقي، نشرة بعناية أحمد حسن بسج (بيروت: دار الكتب العلمية، ط ١، ١٤١٨/ ١٩٩٨)، ص ٣٤٠ (الحماسية ٧٣٩)؛ الأصفهاني: كتاب الأغاني، ج ٣، ص ١٥٠ (نشرة القاهرة)، الأغاني، ج ١/ ٣، ص ٦٥١ (نشرة الحسين)؛ المرزوقي: شرح ديوان الحماسة، ج ٤، ص ١٦٣٠ (الحماسية =

<<  <  ج: ص:  >  >>