للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَرَّبْنَ مَمْهُودَ السَّرَاةِ كَأنَّمَا ... غَدَا فِي دَيَاجِيرِ الكِسَا يَتَرَجْرَجُ (١)

[كَنَجْمِ الدُّجَى إِذْ لَاحَ، لَا، بَلْ كَأَنَّهُ ... سَنَا نَارِ نَشْوَانٍ تَشُبُّ وَتَبْلُجُ]

فَلَمَّا دَنَا مِنْهَا بَكَتْ مِنْ دُنُوِّهِ ... وَقُلْنَ لَهَا قُومِي ارْكَبِي الصُّبحُ أَبْلَجُ

وَفَدَّيْنَهَا كَيْمَا تَخِفُّ فَأَعْرَضَتْ ... تَجَشَّمُ مِما سُمْنَهَا وَتَغَنَّجُ

وَلمَّا جَلَاهَا الشَّمْعُ سَبَّحَ نَاظِرٌ ... وكَبَّرَ رفَّافٌ وَسَارُوا فَأَرْهَجُوا (٢)

وأما باب الأدب فشعر بشار مُلئَ حكمةً وأخلاقًا وضرْبَ أمثال؛ لأن بشارًا نشأ على معرفة الحكمة، وقرأ على الفلاسفة، وقد عُدّ من نظراء واصل بن عطاء وعمرو بن عبيد كما تقدم. وأما صناعة الشعر فلبشار فيها غايةُ السبق وآيةُ الحذق، قال في الأغاني: قال الأئمّة: أحسن الناس ابتداءً في شعراء الجاهلية امرؤ القيس حيمث يقول: "قِفَا نَبْكِ مِنْ ذِكْرَى حَبِيبٍ وَمَنْزِلِ" (٣). وفي شعراء صدر الإسلام القطامي حيث يقول:

إنا مُحيُّوك فَاسْلَمْ أَيُّهَا الطَّلَلُ ... وَإن بَلِيتَ، وَإن طَالَتْ بِكَ الطِّيَلُ (٤)

ومن المولدين بشار؛ إذ يقول:


(١) جاء في الديوان "دَيَايُور" بدل "دياجير"، وعلق المصنف على هذا البيت بقوله: "كتب في الديوان: ممهود، بالدال، وقد تقدم (في صفحة ٣١٨ من الجزء الأول من هذه المطبوعة) أنه كتب نظيرُه بالراء، فلعله أراد هنا جملًا ممهود السراة، أي مدرب الظهر للركوب، والسراة الظهر، أو كان ما هنا تحريفا. وقوله: ديايور، كذا كتب، ولم يتضح". المصدر نفسه، ص ٧٠ (الحاشية ٢).
(٢) الأبيات من قصيدة في ستة وعشرين بيتًا من بحر الطويل قالها بشار في الحنين إلى حبيبته "خشابة". ديوان بشار بن برد، ج ١/ ٢، ص ٦٧ - ٧١.
(٣) هذا هو صدر البيت الأول من معلقته، وتمامه: "بِسَقْطِ اللِّوَى بّيْنَ الدَّخُولِ فَحَوْمَلِ". ديوان امرئ القيس، ص ٨.
(٤) ديوان القطامي، ص ٢٣؛ الأصفهاني: الأغاني، ج ٨/ ٢٤ - ، ص ٤٢٢ (نشرة الحسين). والبيت هو الأول من القصيدة التي قالها الشاعر في مدح عبد الواحد بن الحارث بن الحكم بن أبي العاصي، وقد سبق ذكرها. والطِّيَلُ: الرسن يطول للدابة لترعى، وهو هنا بمعنى الدهور.

<<  <  ج: ص:  >  >>