للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبَى طَلَلٌ بِالجِزْعِ أَنْ يَتكَلَّمَا ... وَمَاذَا عَلَيْهِ لَوْ أَجَابَ مُتَيَّمَا

وَبِالفَرْعِ آثَارٌ بَقِينَ وَبِاللِّوَى ... مَلَاعِبُ لَا يُعْرَفْنَ إِلَّا تَوَهُّمَا (١)

وروى في الأغاني بسنده عن بشار أنه قال: "ما زلتُ منذ سمعتُ قولَ امرئ القيس في تشبيهه شيئين في بيت واحد إذ يقول:

كَأَنَّ قُلُوبَ الطَّيْرِ رَطْبًا وَيَابِسًا ... لَدَى وَكْرِها العنّابُ وَالحَشَفُ البَالِي (٢)

أُعمِل نفسي في أن آتي بتشبيه شيئين بشيئين في بيت حتى قلت:

كَأَنَّ مَثَارَ النّقْع فَوْقَ رُؤُوسهمْ ... وأسيافَنَا لَيْلٌ تَهَاوَى كَوَاكبُه". (٣)

وقد اتفق أئمة الأدب على أن تشبيه بشار قد فاق تشبيه امرئ القيس الذي تقدمه، وفاق تشبيه مَنْ تأخر عن بشار. فأما كونُه فاق امرأَ القيس فأمر واضح؛ لأن امرأ القيس شبه شيئين بشيئين على التفريق، وقد أشار إلى فضل بيت بشار عليه كلامُ عبد القاهر في فصل من أسرار البلاغة (٤)، وكذلك فاق عَمر بن كلثوم. وأما كونه فاق من تأخره، فقد قال الشيخ عبد القاهر في ص ١٣٩ من أسرار البلاغة: "ألا ترى


(١) الأصفهاني: كتاب الأغاني، ج ٣، ص ١٤٨ (نشرة القاهرة)؛ الأغاني، ج ١/ ٣، ص ٦٥٠ (نشرة الحسين)؛ ديوان بشار بن برد، ج ٢/ ٤، ص ١٨٤.
(٢) البيت هو الرابع قبل الأخير من قصيدة من اثنين وخمسين بيتًا، طالعها:
أَلَا عِمْ صَبَاحًا أَيُّهَا الطَّلَلُ البَالِي ... وَهَلْ يَعِمْنَ مَنْ كَانَ فِي العُصُرِ الخَالِي
ديوان امرئ القيس، ص ٣٨.
(٣) وأضاف الأصفهاني: "قال يحيى: أخذ هذا المعنى منصور النمري، فقال وأحسن:
لَيْلٌ مِنَ النَّقْعِ لَا شَمْسٌ وَلَا قَمَرُ ... إِلَّا جَبِيبُكَ وَالمَذْرُوبَةُ الشُّرُعُ
والمذروبة: المحددة، والشُّرع: المشروعة، والمراد بها السيوف. كتاب الأغاني، ج ٣، ص ١٩٦ (نشرة القاهرة)؛ الأغاني، ج ١/ ٣، ص ٦٨٢ (نشرة الحسين).
(٤) انظر صفحة ١٥٦. - المصنف. وانظر كلام الجرجاني على بيت بشار في: الجرجاني: كتاب أسرار البلاغة، ص ١٩٤ - ١٩٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>