للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد كتب الإمام الحافظ أبو الطاهر أحمد السِّلَفي (١) الأصفهاني الشافعي (المتوفَّى سنة ٥٧٦ هـ) إلى العلامة محمود الزمخشري يطلب منه الإجازةَ في جميع سماعاته وإجازاته ورواياته من الحديث والعلوم. وكتب القاضي أبو الفضل عياض المالكي الشهير إلى الزمخشري يستجيزه كذلك. (٢)

وهل يُظَنُّ بأمثالهما روايةُ حديث رسول الله عمَّنْ في دينه مَغْمَز؟ وقد كان العلامة الزمخشري في الورع والتقوى بتلك المثابة حتى لقد بلغت به الخشيةُ مبلغًا عظيمًا كما هو مسطور في ترجمته، ولقد لقبه علماء الإسلام بلقب "جار الله"، وقد كتب تفسير الكشاف في المسجد الحرام.

وقد جَوَّز ابنُ الأثير في جامع الأصول أن يُعَدَّ في مجددي رأس المائة الرابعة الشريفُ الرضا علي بن موسى من أئمة الإمامية، وأن يُعد في مجددي رأس المائة الثالثة أبو جعفر محمد بن يعقوب الرازي من الإمامية، مع أن الإمامية يخالفون أهلَ السنة في عقائدهم خلافًا أشدَّ من خلاف المعتزلة. وحسبُك منه مسألةُ التفضيل، ومسألة تفسيق كثير من الصحابة. (٣) وحيث قد توفر فيه المقتضي وانتفى المانع، فما أنا في عده مع المجددين ببادع. على أننا لو شئنا أن نقول بالتفكيك بين الصلاح الاعتقادي والقيام بتأييد الدين عن حسن نية، لم يكن ذلك بعيدًا؛ إذ قد أصَّلْنا أن للدين في كل ناحية تجديدًا.


(١) بكسر السين وفتح اللام، [نسبة] إلى سِلَفة (بكسر السين وفتح اللام)، لقب لأحد أجداده، وهو لفظ أعجمي معناه شفاه؛ لأن إحدى شفتيه كانت مشقوقة، والناس يحرفون فيقولون: السَّلفي، بفتح السن. - المصنف.
(٢) انظر خبر ذلك في: المقري التلمساني، شهاب الدين أحمد بن محمد: أزهار الرياض في أخبار عياض، تحقيق مصطفى السقا وزميليه (القاهرة: مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر، ١٣٦١/ ١٩٤٢)، ج ٣، ص ٢٨٢ - ٢٩٣.
(٣) انظر صفحة ٥ جزء ١٠ المعيار. - المصنف. الونشريسي: المعيار المعرب، ج ١٠، ص ٨ - ٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>