للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على جميع ما جاء وكان قياسه صحيحًا فلا غَرْوَ ولا ملَامَ. وقد يكثر الشيء ولا يكون هو على القياس، فلا يجوز أن يقاسَ عليه، كقولهم في النسب إلى ثَقِيف ثَقَفي، وفي قريش قُرَشي، فهذا كثير أكثر من شَنَئِيّ، والقياس عليه ضعيف عند سيبويه، فلا يجوز أن تقول في النسب إلى سعيد وكريم سَعَدى وكَرَمى، فقد بَرَدُ في اليد من هذا الموضع قَانُونٌ يُحمل عليه ويُردُّ غيره إليه". (١)

وقد أخذنا من كلام أئمة العربية قاطبةً أن القياس في اللغة العربية لمن شاء التكلم بها يتصور على أنحاء:

الأول: ما شاع وكثر وروده عن العرب من ألفاظ وصيغ، سواء وافق القياس أم خالفه وسواء ثبت عندهم لفظه، أي: ذاته أو نوعه، قال ابن جني في الخصائص: "قال لي أبو علي الفارسي [بالشام]: إذا صَحَّت الصفةُ فالفِعل في الكَفّ قال ابن جني: "وإذا ثبت أمر المصدر الذي هو الأصل، لم يتخالج شكٌّ في الفعل الذي هو الفرع. . . لأن المصدر أشدُّ ملابسةً للفعل من الصفة". (٢) وهذا النوع قد اتفق أئمة العربية على جواز استعماله فيما ورد فيه، وذلك موعَب في كتب النحو وكتب البيان.

الثاني: ما ثبت عنْهم ولم يَشِعْ، وذلك إن كان جاريًا على القياس لا يضره عدمُ الشيوع؛ لاحتمال أن الرواةَ لم يستقرئوا النقل. وهنالك نزاع بينهم في أنَّ هذا هل يُعد من الغريب المنافي للفصاحة التي اشترطوا فيها ألا يكون في الكلام كلماتٌ غريبة أو لا يُعَدّ منه.

الثالث: ما ثبت عنهم من ألفاظ ولم يَشِعْ في استعمالهم وخالف القياس، وقد اختلفوا فيه، والجمهور على أنه يقتصر على السماع، وهذا مثل القلب في بعض الجموع، كقولهم في جمع رِئم: آرَام، وقولهم: تَوَأَّدَ في تأوَّد بمعنى تثاقل في فعله مشتقًّا من الأود وهو الثقل. قال الأزهري: "والمقلوباتُ في كلام العرب كثيرة، ونحن


(١) ابن جني: الخصائص، ج ١، ص ١٥٤ - ١٥٥. وقد أورد المصنف كلام ابن جني بتصرف واختصار.
(٢) المصدر نفسه، ص ١٥٩. وما بين معقوفتين لم يذكره المصنف.

<<  <  ج: ص:  >  >>