للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَفْلَتَ يَمْرِي ذَاتَ عَقِبٍ كَأَنَّهَا ... حُذَارِيَّةٌ مِنْ رَأْسِ نَيْقٍ تَدَلَّتِ (١)

استعمل حذارية للصخرة من الجبل، والمعروف في اللغة حِذْرِيَّة، فلعله حَفِظ عن العرب حِذَارية بالإشباع، أو لعله أراد النسبَ إلى الجمع، أي واحدة من هذا الجمع، فيكون بتشديد الياء (٢). ومن ذلك إشباع الحركات في نحو قول بشار (في الورقة ١٩٧):

أَغَرُّ عَلَى المَنَابِرِ أَرْيَحِيٌّ ... كَأَنَّ جَبِينَهُ القَمَرُ الفَرَادُ (٣)

ولم يسمع فراد، وإنما سمع فَرَد بفتحين. واستعمل الثِّيبَ بكسر الثاء في جمع الثَّيِّب، وهو غير مسموع، إذ لم يقولوا: امرأة ثيباء ولا رجل أَثْيَب، كما قالوا: رجل أَشْيَب وليلة شيباء، فجمعه بوزن فُعْل الذي يصير إلى فِعْل بكسر الفاء لأجل استثقال الضمة قبل الياء الساكنة، وكأنه قد جوّز أن يقال: امرأة ثَيْبَاء، وذلك في قوله (في الورقة ٣٠):


(١) ديوان بشار بن برد، ج ١/ ٢، ص ١١. والبيت هو الثاني قبل الأخير من قصيدة من ثمانية وعشرين بيتًا من بحر الطويل قالها بشار "يتغزل ويفتخر بأيام بني عامر مواليه في اليمامة بلاد بني حنيفة". انظر مزيدًا من التفاصيل عن أحداث مناسبة هذه القصيدة في المصدر نفسه، ص ٨ (الحاشية *).
(٢) لنا في كلمة "حذارية" توجيه آخر، وسنذكره في موضع البيت من الديوان. - المصنف. قال: "والحذارية الظاهر أنه أراد بها الحِذرية (بكسر الحاء وتحتية بعد الراء)، وهي القطعة من أرض غليظة، وتُجمع على حَذَارَى (بفتح الحاء وبالقصر). فلعل بشارًا أراد النسبَ وأخذه من هذا الجمع، فتكون بفتحل الحاء المهملة، وضبطها في الديوان بضم الحاء، ولا وجهَ له". (المصدر نفسه، ص ١١، الحاشية رقم ٤).
(٣) ديوان بشار بن برد، ج ٢/ ٣، ص ٥٦. البيت من قصيدة طويلة من ستة وخمسين بيتًا من بحر الوافر يمدح فيها رَوْح بن حاتم بن المهلب بن أبي صفرة، وروح - كما ذكر المصنف - "كان عاملًا للدولة العباسية على السند ثم على فلسطين، وعمل لخمسة من الخلفاء: السفاح والمنصور والمهدي والهادي والرشيد. . . ولما مات يزيد بن حاتم أخو روح أمير إفريقية بالقيروان، وجه الرشيد روحًا إلى إمارة إفريقية سنة ١٧١، فبقي بالقيروان إلى أن توفي سنة ١٧٤ في رمضان، ودفن في قبر أخيه يزيد في باب سلم من أبواب مدينة القيروان. . . وبشار مدح روحًا بهذه القصيدة في خلافة المهدي، وكان روح أمير الكوفة ثم البصرة والسند في زمن المهدي". المصدر نفسه، ص ٣٤٨ (الحاشية *).

<<  <  ج: ص:  >  >>