للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على الشعر من المولَّدين بشارٌ العُقيلي، والسيّد الحميري، وأبو العتاهية، وابن أبي عُيينة (١). وقد ذكر الناس في هذا الباب يحيى بن نوفل، وسلْمًا الخاسر، وخلف بن خليفة. وأبانُ بن عبد الحميد اللاحقي أولَى بالطبع من هؤلاء، وبشارٌ أطبعُهم كلِّهم". (٢) [وقال الأصبهاني: ] "وهو من المطبوعين أصحابِ الإبداع والاختراع المُفْتَنِّين في الشعر، القائلين في أكثر أجناسه وضروبه". (٣)

وسئل الأصمعيُّ عن بشار ومروان بن أبي حفْصة (٤): "أيهما أشعر؟ فقال: بشار. فسئل عن السبب في ذلك، قال: لأن مروان سلك طريقًا كثُر من يسلكه، فلم يلحق بِمَنْ تقدمه، وشَرِكه فيه مَنْ كان في عصره، وبشارٌ سلك طريقًا لم يُسلَكْ، وأحسنَ فيه وتفرّد به. وهو أكثرُ تصرّفًا وفنونَ شعرٍ، وأغزرُ وأوسعُ بديعًا، ومروان لَم يتجاوز مذاهبَ الأوائل". وقال: "وجدتُ أهلَ بغداد قد ختموا الشعراء بمروانَ، وبشارٌ أحقُّ بأن يختموهم به من مروان. فقيل له: لِمَ؟ فقال: وكيف لا يكون كذلك وما كان مروانُ في حياة بشار يقول شعرًا حتى يصْلحه له بشارٌ ويقوّمه! . . . كان


(١) هو أبو عيينة بن محمد بن أبي عيينة بن المهلب بن أبي صفرة، من شعراء الدولة العباسية، سكن البصرة.
(٢) الجاحظ: البيان والتبيين، ج ١/ ١، ص ٤٤.
(٣) الأصفهاني: كتاب الأغاني، ج ٣، ص ١٤٥ (نشرة القاهرة)؛ الأغاني، ج ١/ ٣، ص ٦٤٧ (نشرة الحسين).
(٤) مروان بن سلمان بن يحيى بن أبي حفصة، كنيته أبو الهيندام أو أبو السمط، ولقبه ذو الكمر. شاعر عالي الطبقه، كان جدّه أبو حفصة مولى لمروان بن الحكم، أعتقه يوم الدار. ولد سنة ١٠٥/ ٧٢٣ باليمامة من أسرة عريقة في قرظ الشعر، وأدرك العصرين الأموي والعباسي. وفد على المهدي فمدحه، ثم الهادي من بعده، ثم مال إلى مديح هارون الرشيد، ومدح البرامكة وزراء الرشيد. وعلى كثرة ما أصابه من خلفاء بني العباس وعلى يساره، فقد كان بخيلًا بخلًا شديدًا، ضربت به الأمثال ورويت عنه الحكايات. ويمتاز شعره بالعراقة والجودة ومتانة الألفاظ وسداد الرأي؛ دافع بشعره عن العباسيين ودعا إليهم واحتج على خصومهم وعارضهم. وقد دفع حياته ثمنا لتعصبه للعباسيين، إذ اغتاله بعضُ المتطرفين من الشيعة العلويين ببغداد سنة ١٨٢/ ٧٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>