للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بشارٌ مطبوعًا لا يكلِّف طَبْعَه شيئًا متعذرًا، لَا كَمَنْ يقول البيتَ ويحككه أيامًا". (١) "وكان الأصمعي يشبه بشارًا بالأعشَى والنابغة، ويشبه مروان بزُهير والحطيئة، ويقول: هو متكلِّف". (٢) وكان أبو عبيدة يفضل بشارًا على مروانَ أيضًا (٣).

وقال الجاحظ في كتاب الحيوان قُبيل القول في النيران: "وما كان ينبغي لبشر أن يناظر حمادًا من جهة الشعر وما يتعلق بالشعر؛ لأن حمادًا في الحضيض، وبشارًا مع العَيُّوق. وليس في الأرض مُوَلَّدٌ قروِيٌّ يُعدُّ شعرُه في المحدَث إلا وبشار أشعرُ منه". (٤) ثم قال: "ومع هذا، فإنا لا نعرف بعد بشارٍ أشعرَ منه" (٥).

ولَمْ يشُذَّ عن الأئمة الشاهدين بسموِّ مرتبة بشار سوى إسحاق الموصلي، فكان يغُضّ من بشار، ويقول: "هو كثيرُ التخليط في شعره، وأشعاره مختلفة، لا يُشبه بعضُها بعضًا، أليس هو القائل:

إِنَّمَا عَظْمُ سُلَيْمَى خُلَّتي ... قَصَبُ السُّكَّرِ لَا عَظْمُ الجَمَلْ


(١) الأصفهاني: كتاب الأغاني، ج ٣، ص ١٤٧ - ١٤٩ (نشرة القاهرة)؛ الأغاني، ج ١/ ٣، ص ٦٤٧ - ٦٤٩ (نشرة الحسين).
(٢) الأصفهاني: كتاب الأغاني، ج ٣، ص ١٤٩ (نشرة القاهرة)؛ الأغاني، ج ١/ ٣، ص ٦٤٧ - ٦٤٩ (نشرة الحسين). المرجع نفسه، ص ٦٥٠.
(٣) روى علي بن مهدي عن أبي حاتم قال: "قُلت لأبي عبيدة: أمروان عندك أشعرُ أم بشار؟ فقال: حكم بشارٌ لنفسه بالاستظهار أنه قال ثلاثةَ عَشَرَ ألفِ بيتٍ جيد، ولا يكونُ عددُ الجيد من شعر شعراء الجاهلية والإسلام هذا العددَ، وما أحسبهم برَّزوا في مثلها، ومروان أمدح للملوك". ولعل أبا عبيدة يشير بكلامه هذا إلى ما قاله بشار في حق نفسه ورواه هو عنه: "لِي اثنا عَشَر ألف بيتٍ عين، فقيل له: هذا لم يكن يدعيه أحد قط سواك! فقال: لي اثنتا عَشْرَةَ ألف قصيدة، لعنها الله ولعن قائلَها إن لم يكن في كل واحدة منها بيتٌ عين". الأصفهاني: كتاب الأغاني، ج ٣، ص ١٤٤ (نشرة القاهرة)؛ الأغاني، ج ١/ ٣، ص ٦٤٧ (نشرة الحسين).
(٤) الجاحظ: كتاب الحيوان، ج ٤، ص ٤٥٣ - ٤٥٤، والعيوق نجم أحمر مضيء في طرف المجرة الأيمن، يتلو الثريا ولا يتقدمها، يُضرب به المثل في العلو. (حاشية محقق كتاب الحيوان الأستاذ عبد السلام هارون).
(٥) المرجع نفسه، ص ٤٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>