للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتى قال عنترة: "هَلْ غَادَرَ الشُّعَرَاءُ منْ مُتَرَدَّمِ" (١). ذلك أن بعض التراكيب قد تصير مشتهرةً في الاستعمال، فيتناقلها الناسُ، وتسير مَسيرَ الأمثال. وبعضُها قد يصير معروفًا بين الشعراء، فيصير كلغة خاصة بهم، وبعضها قد يبتكره بعضُ الشعراء، فيستجاد منه ويشتهر فيأخذه مَنْ يجيء بعده، ولا يعدّ ذلك سرقة لشهرته. وقد وقع الافتتاح بجملة "بانت سعادُ" لعدّة من شعراء العرب، ذكرهم ابن هشام في شرح قصيدة كَعْب. وقد قال بشار:

مِنْ كُلِّ لَذَّاتِ الفَتَى ... قَدْ نِلْتُ نَائِلةً وَعُرْفَا (٢)

فألَمَّ بقول [زهير بن جناب الكلبي]:

مِنْ كُلِّ مَا نَالَ الفَتَى ... قَدْ نِلْتُهُ إِلَّا التَّحِيَهْ (٣)


(١) هذا صدر البيت الأول من المعقلة، وعجزه: "أَمْ هَلْ عَرَفْتِ الدَّارَ بَعْدَ تَوَهُّمِ". ديوان عنترة، ص ١٨٢ (نشرة مولوي)؛ القرشي: جمهرة أشعار العرب، ص ٢١١.
(٢) البيت من قصيدة من عشرة أبيات تُروى لبشار ولوضاح اليمن عبد الرحمن بن إسماعيل بن عبد كُلال، اختلف في نسبه، فقيل هو من أبناء الفرس "الذين قدموا اليمن مع وَهْرِز لنصرة سيف بن ذي يَزَن على الحبشة"، وقيل هو من "آل خَولان بن عمرو بن قيس بن معاوية بن جُشم بن عبد شمس"، وينتهي نسبه إلى حمير فقحطان. كذا قال الأصفهاني. توفي وضاح سنة ٩٠/ ٧٠٨. الأغاني، ج ٢/ ٦، ص ٧٢٦ و ٧٤٣ (نشرة الحسين)؛ ديوان بشار بن برد، ج ٢/ ٤، ص ١٢٨ (الملحقات).
(٣) البيت من السابع من قصيدة من خمسة عشر بيتًا قيل إن الشاعر لما كبر جمع بنيه وبني بنيه وأوصاهم بها. وما ذكره المصنف هو رواية محمد بن سلام. وجاء عند الأصفهاني بلفظ: "وَلَكُلُّ مَا نَالَ الفَتَى"، أما الديوان فجاء فيه: "كُلُّ الَّذِي نَالَ الفَتَى". وقائلها هو زهير بن جَناب بن هُبل بن عبد الله بن كنانة ينتهي نسبه إلى قُضاعة. شاعر جاهلي من أبرز شعراء بني كلب بن وبرة وهو من أقدم الشعراء الذين وصل إلينا شعرهم. كان زهير من المعمرين مما أتاح له المشاركة في عدد من أحداث العصر الجاهلي المشهورة، وقد اجتمعت على رئاسته قبائل قضاعة. قال فيه ابن سلام: "كان قديمًا شريف الولد وطال عمره". الجمحي: طبقات الشعراء، ص ٣٧؛ الأغاني، ج ٧/ ١٩، ص ١٤ - ٢٣؛ ديوان زهير بن جناب الكلبي، تحقيق محمد شفيق البيطار (بيروت: دار صادر، ط ١، ١٩٩٩)، ص ١١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>