للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نادم أن يكون جمع سلامة فغُير جمعه هنا ندامى، وهو جمع تكسير، وقد اشتهر جمعًا لندمان؛ وهو صاحب المنادمة، أي: المجالسة على الشراب، ولا موجب لهذا التغيير إلا قصد مزاوجته لخزايا، وكذلك قال ابن مقبل:

هَتَّاكُ أَخْبِيَةٍ، وَلَّاجُ أَبْوِبَةٍ ... يُخَالِطُ البِرُّ مِنْهُ الجِدَّ وَاللِّينَا (١)

فجمع بابًا على أبوبة، والمعروف أن يُجمع على أبواب، وإنما جمعه على أبوبة لمزاوجته لقوله: "أخبية".

أما أنا فأقول: إن أبا الطيب ما اختار أن يكون قرحًا منونًا إلا لشيء زائد على ما ذكره شرّاح ديوانه الثلاثة (٢)، وهو شيء راجعٌ إلى المعنى الشعري. وذلك أن إثبات مصير الأجفان أنفسها قروحًا أبلغ من وصفها بالتقرح الذي يدل عليه قرحى بدون تنوين؛ لأن في إثبات صيرورتها قروحًا تخيلًا لتبدل ذاتها بذات أخرى، فكان مناسبًا للتخيل الذي يستدعيه الشعر. فوافق إثبات مصير الشقائق بهارًا في تخيل تغير الذات بذات أخرى، فيكون وزانه وزان قول أبي تمام في مليح أصابته حمى:

لَمْ تَشِنْ وَجْهَهُ المَلِيحَ وَلَكِنْ ... بَدَّلَتْ وَرْدَ وَجْنَتَيْهِ بَهَارَا (٣)

أو قول ابن المعتزّ:


= وبينك هذا الحي من كفار مضر، فمرنا بأمر فصل، نخبر به من وراءنا، وندخل به الجنة. وسألوه عن الأشربة: فأمرهم بأربع، ونهاهم عن أربع، أمرهم: بالإيمان بالله وحده، قال: "أتدرون ما الإيمان بالله وحده". قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: "شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصيام رمضان، وأن تعطوا من المغنم الخمس". ونهاهم عن أربع: عن الحنتم والدباء والنقير والمزفت. وربما قال: المقير. وقال: "احفظوهن، وأخبروا بهن مَنْ وراءكم"". صحيح البخاري، "كتاب الإيمان"، الحديث ٥٣، ص ١٢.
(١) سبق التعليق على مكان هذا البيت من شعر ابن مقبل.
(٢) يعني ابن جني والواحدي والمعري.
(٣) ديوان أبي تمام، ص ٤٤٢. وفيه "جعلت" عوض "بدلت".

<<  <  ج: ص:  >  >>