للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَطَعْنَا رَسُولَ الله إِذْ كَانَ بَيْنَنَا ... فَيَا لَعِبَادِ الله مَا لأَبِي بَكْرِ؟ (١)

وذكر معارضةَ عمر لأبي بكر حين قال له: "كيف تقاتل الناسَ وقد قالوا لا إله إلا الله؟ " (٢)، ثم تحير المؤلف في سبب حروب الردة وغمز هنالك مغامز سيئة ترمي إلى أن أسبابها التنافس، ثم ذكر أنه أصفح عن البحث في أن أبا بكر هل كانت له صفةٌ دينية تجعله مسؤولًا عن أمر مَنْ يرتد عن الإسلام أو هل لها أسباب غير دينية؟

ولا فائدةَ في إطالة الخوض معه هنا؛ لأن تلك الحروب سواء كانت دينية أم سياسية، وسواء كان سببها الارتداد أو الخروج عن الطاعة، فلا دليلَ في صفتها على شيء يتعلق بانتساب الخلافة إلى الدين؛ لأن الخلافة إن كانت خطة دينية كما وضحناه فحرب الخارجين عن الدين من شؤونها، وكذلك حرب الخارجين عن الجامعة الإسلامية؛ إذ الدين والجامعة متلازمان كما قدمنا بيانه. وإن كانت الخلافة زعامةً سياسية فقط كما يراه المؤلف، فحريٌّ بصاحبها قتالُ من يخرج عن الطاعة سواء اقترن خروجُه برفض الدين أم كان مجرد عصيان؛ لأن الحالتين يتحقق فيهما الخروج عن الطاعة


(١) البيت للحطيئة من مقطوعة من ثمانية أبيات قالها في الردة يحرض المشركين على قتال المسلمين، وقد جاء في الديوان مختلفًا عما ذكره المصنف هنا، ولفظه:
أَطَعْنَا رَسُولَ الله إِذْ كَانَ صَادِقًا ... فَيَا عَجَبًا مَا بَالُ دِينِ أَبِي بَكْرِ؟
ديوان الحطيئة برواية وشرح ابن السكيت، تحقيق نعمان محمد أمين طه (القاهرة: مكتبة الخانجي، ط ١، ١٤٠٧/ ١٩٨٧)، ص ١٩٥.
(٢) انظر تفاصيل المحاورة بين عمر وأبي بكر رضي الله عنهما في: ابن قتيبة: الإمامة والسياسة، ج ١، ص ١٩؛ صحيح البخاري، "كتاب الزكاة"، الحديثان ١٣٩٩ - ١٤٠٠، ص ٢٢٥؛ "كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة"، الحديث ٧٢٨٤/ ٧٢٨٥، ص ١٢٥٣؛ صحيح مسلم، "كتاب الإيمان"، الحديث ٢٠، ص ٣٣ - ٣٤؛ سنن الترمذي، "كتاب الإيمان"، الحديث ٢٦٠٧، ص ٦١٤؛ البزار: البحر الزخار، الحديث ٢١٧، ج ١، ص ٣٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>