للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كتاب "أخبار النحويين البصريين". وهذا أبو البركات الأنباري في كتاب "الإنصاف" قال صراحة في المسألة الحادية عشرة: "وذهب خلفٌ الأحمر - من الكوفيين - إلى أن العامل في المفعول معنى المفعولية" (١)، وتبعه الرضيُّ في شرح الكافية في باب المفعول به. وآثار كونه من أصحاب الطريقة الكوفية تظهر في مواضع من هذه المقدمة إذ يقدِّم ذكر الكوفيين على البصريين كقوله: "وهو الذي يسميه الكوفيون الاستيتاء (كذا)، ويسميه البصريون القطع" (٢)، وقوله: "والتحقيق يسميه الكوفيون الإيجاب" (٣)، ونحو ذلك. فلم يبق مجالٌ للشك في أن خلفًا كان في عداد نحاة الكوفة، وعلى هذا سنبني النظرَ في توضيح مسائل هذه المقدمة.

والأصل في نسبة الناس أن يُنسبوا إلى قبائلهم وأجدادهم، ثم إلى مواطنهم وبلادهم، ومن القليل أن ينسبوا إلى النِّحل والأديان والمذاهب. فإذا كان الاسم المنسوب إليه بين الدلالة على النسبة فذاك، وإلا وجب التمحيص. لذلك تراهم كثيرًا ما يقولون في النسبة إلى القبائل إذا كان المنسوب من موالي القبيلة أن يتبعوا النسب بقولهم مولاهم. وقالوا في ترجمة أبي مسعود البدري عقبةَ بن عمرو الأنصاري البدري إنه نسب إلى بدر؛ لأنه كان يسكن ببدر، وليس هو ممن شهد بدرًا على أصح الأقوال.


(١) الأنباري، كمال الدين أبو البركات عبد الرحمن بن أبي الوفاء بن عبيد الله: الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين، نشرة بعناية حسن حمد وإشراف إميل بديع يعقوب (بيروت: دار الكتب العلمية، ط ١، ١٤١٨/ ١٩٩٧)، ج ١، ص ٨٢.
(٢) صفحة ٥٣ من المقدمة. - المصنف. الأحمر، خلف: مقدمة في النحو، تحقيق عز الدين التنوخي (دمشق: مديرية إحياء التراث القديم بوزارة الثقافة والإرشاد القومي، ١٣٨١/ ١٩٦١)، ص ٥٣. وقد بين محقق الكتاب معنى الاستيتاء فقال: "مصدر استأتاه: طلب أن يأتيه، وفي الإغراء يطلب المتكلم من المخاطَب أن يتطاوعه فيما يغريه به، أي إن الإغراء والقطع عند البصريين تسميه الكوفيون الاستيتاء".
(٣) صفحة ٨٠ من المقدمة. - المصنف.

<<  <  ج: ص:  >  >>