للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومثلُ ذلك أن أبا منصور الأزهري اللغوي هو منسوبٌ إلى جد جده أزهر (١)، فلا يُتوهم أنه منسوبٌ إلى الجامع الأزهر، فإنه عُرف بهذا قبل أن يصطلح الناس على نسبة خريج الجامع الأزهر إليه. وكذلك نسبة القاضي عبد الوهاب بن نصر البغدادي بالمالكي (٢)؛ فإنها نسبة إلى جدّ جدِّ جدّه مالك ابن طَوْق صاحب الرحبة، وليس نسبةً إلى مذهب مالك الذي كان من جلة فقهائه؛ ولقد أشار المعري إلى الأمرين بقوله فيه حين نزل بمعرة النعمان:

وَالمَالِكِيُّ ابْنُ نَصْرٍ زَارَ فِي سَفَرٍ ... بِلَادَنَا فَحَمَدْنَا النَّأيَ وَالسَّفَرَا

إِذَا تَفَقَّهَ أَحْيَا مَالِكًا جَدَلًا ... وَيَنْشُرُ المَلِكَ الضِّلِّيلَ إِنْ شَعَرَا (٣)


(١) أبو منصور محمد بن أحمد الهرويّ، الملقب بالأزهري نسبة إلى جده الأزهر بن طلحة بن نوح الهروي، ولد بهراة سنة ٢٨٢/ ٨٩٥. لغوي أديب أدرك الجلّة من أهل الشأن، كالزجَّاج ونفطويه وابن دريد، وأخذ عن الربيع بن سليمان وابن السراج. جاء إلى بغداد عائدًا من حجّ فَأَسرَتْهُ القرامطة، ووقع في سهم عرب من أهل البادية من قبيلة هوازن فبقي فيهم زمنًا طويلًا (قيل سبعًا وعشرين سنة) في البادية، وتعلم عليهم فحفظ من طرقهم، إذ كانوا فصحاء لا يتطرق إليهم اللحن. أخذ عنه أبو عبيد الهروي صاحب "كتاب الغريبين"، وأبو يعقوب القراب السرخسي الهروي (محدث هراة)، وأبو سعيد بن علي بن عمرو الذي روى عن الأزهري كتاب "معاني القراءات"، وأبو ذر عبد الله بن أحمد الحافظ الهروي، الفقيه المالكي، وغيره. صنف كتبًا كثيرة، منها كتابه المشهور في اللغة "تهذيب اللغة" مرتبًا إياه على طريقة الخليل في كتاب العين. وله "تفسير ألفاظ مختصر المُزَنِي"، و"التقريب في التفسير"، و"شرح شعر أبي تمام"، وغير ذلك. وكان عارفًا بالحديث عالي الإسناد. توفي أبو منصور سنة ٣٧٠/ ٩٨٠.
(٢) هو الإمام العلامة، شيخ المالكية بالعراق، أبو محمد عبد الوهاب بن علي بن نصر بن أحمد بن حسين بن هارون بن أمير العرب مالك بن طوق التغلبي العراقي، من أولاد صاحب الرحبة. فقيه محقق، وعالم باللغة، وشاعر مرهف. ولد ببغداد سنة ٣٦٢/ ٩٧٤ هـ, وتوفي سنة ٤٢٢/ ١٠٣١ هـ في مصر التي رحل إليها سنة ٤١٩ هـ. من تصانيفه "التلقين"، و"الإشراف في نكت مسائل الخلاف"، و"المعونة في مذهب عالم المدينة"، و"شرح الرسالة" (لابن أبي زيد القيرواني)، و"الملخص في أصول الفقه".
(٣) البيتان هما التاسع والعاشر من قصيدة من بحر البسيط يخاطب فيها الشاعر أبا القاسم التنوخي. المعري: سقط الزند، ص ٣١٤ - ٣١٥؛ الذهبي: تاريخ الإسلام، ج ٢٩، ص ٨٥ - ٨٦؛

<<  <  ج: ص:  >  >>