للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مهاجري الأندلس إلى تونس - في خاتمة كتابه المسمى بالأنوار النبوية: "ولما رأى العدو العزم منهم (أي من المسلمين) للخروج نقض العهد، وردهم رغم أنوفهم من سواحل البحر إلى ديارهم، ومنعهم قهرًا من الخروج". (١)

وهذا الذي وصفه السيد محمد بن عبد الرفيع إجمالًا كان سببه أن سياسة ملوك الجلالقة كانت تضطرب بين الشدة والملاينة، بحسب ما يسنح لهم في أحوال المسلمين، وبحسب ما تكون عليه حالةُ المملكة السياسية من اتحاد أو اختلاف فيما بينهم، ومن مسالمة أو محاربة بينهم وبين جيرانهم من الإفرنج، وبحسب ما كان للأسبان من المطامع في امتلاك تونس والجزائر. فكانوا يكرهون أن تشيع عنهم قسوةُ المعاملة مع مَنْ يدخلون تحت حكمهم، ولذلك دام حالُ المسلمين في الأندلس نحو مائة سنة بين الضغط والتنفس، إلى أن باح العدوُّ بما أضمره وكشر لهم عن نابه في النصف الأخير من القرن العاشر الهجري.

فلما ضاقت الأرض بالمسلمين، وأصبحوا مستضعفين في أرض الجلالقة، لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلًا، وفشا فيهم الإكراهُ على التنصر بالقتل والحرق وأنواع العذاب، أظهروا التنصر. ولعدم اطمئنان النصارى لهم، حشروهم إلى جهة


= المسلمين في ظل محاكم التفتيش. وقد نقل خير الدين الزركلي في كتابه الأعلام ما جاء بخط هذا العالم الأندلسي التونسي في نهاية كتابه ونصه: "وقع الفراغ من جمعه وتحرير فصوله وكتبه عشية يوم الجمعة الزهراء بحضرة تونس العلية الخضراء عام ١٠٤٤" إلى قوله: "على يد جامعه وكاتبه العبد إلى الله محمد الرفيعى الشريف الجعفرى الأندلسى المرسى المالكي الغوثي طريقة ومذهبًا وبأحد الحرمين الشريفين إن شاء الله مدفنًا". الزركلي، خير الدين: الأعلام: قاموس تراجم لأشهر الرجال والنساء من العرب والمستعربين والمستشرقين (بيروت: دار العلم للملايين، ط ٧، ١٩٨٦)، ج ٦، ص ٢٠٤.
(١) لم نتمكن من الاطلاع على الكتاب المذكور - لا مطبوعًا ولا مخطوطًا - لتوثيق ما نقله المصنف منه، ولعل قارئ هذا المجموع يساعدنا على ذلك لنتدارك هذا النقص في المستقبل. وانظر وصفًا قريبًا مما ذكر ابن عبد الرفيع في المقري: أزهار الرياض، ج ١، ص ٦٦ - ٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>