للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واحدة يسكنونها وهي جهة ألبيرة، (١) ووضعوا لهم اسمًا يدل على جماعتهم وهو اسم موريسكو، (٢) وأصبحوا كالعبيد، ولذلك سماهم إخوانُهم من المسلمين الذين خرجوا إلى المغرب باسم المدجنين وأهل الدَّجْن. (٣)

وقد كان المسلمون المتنصِّرون يُسِرُّون الإسلامَ في قلوبهم، ويقيمون الصلوات في خاصتهم، ويتكلمون فيما بينهم بالعربية. ولكن الجلالقة أخذوا يرصدون أحوالهم، فلم يتركوا وسيلة ليَحُولوا بينهم وبين الاستمرار على ذلك. قال السيد محمد بن عبد الرفيع الجعفري:

"ثم بقي العدو يحتال بالكفر عليهم، فابتدأ يزيل لهم اللباس الإسلامي والجماعات والحمامات؛ لأنها من عادات المسلمين فإن الفرنج لا يتخذونها والمعاملات الإسلامية مع شدة امتناعهم والقيام على العدو مرارًا، وعدو الدين يحرق بالنار مَنْ لاحت عليه أماراتُ الإسلام، ويعذبه بأنواع العذاب، فكم وكم عذبوا وكم نفوا من بلادهم".

ووصف السيد محمد بن عبد الرفيع بعض أحوال المسلمين في خاصتهم فقال:

"قد أطلعني الله تعالى على دين الإسلام بواسطة والدي رحمة الله عليه وأنا ابن ستة أعوام أو أقل مع أني كنت إذ ذاك أروح إلى مكتب النصارى لأقرأ دينهم، ثم


(١) ألبيرة بهمزة قطع في أوله، ثم لام ساكنة، ثم باء موحدة مكسورة: هو في الأصل اسم لكورة غرناطة كلها، وتسمى به مدينةٌ كانت هي قاعدة الكورة قبل مصير غرناطة عاصمةَ الكورة. - المصنف.
(٢) موريسكو (Moriscos) كلمة مأخوذة من كلمة مورو التي أطلقها الجلالقةُ والإفرنج على المسلمين في القديم، منسوبةً إلى إقليم موريطانيا، وهو مجموع المغرب الأقصى والمغرب الأوسط في اللسان اللاطيني. وأما تسميتُهم بالمدجَّنين وبأهل الدجن، فلعلها مأخوذةٌ من الدجن وهو الألف والاستكانة من الحيوان، ومنه الدواجن. وقد أطلقوا هذا اللفظَ على المسلمين الذين اختاروا البقاءَ في ذمة الجلالقة في البلدان التي أخذها الجلالقةُ قبل تمحض بلاد الأندلس بيد الجلالقة. - المصنف.
(٣) الدَّجْن: المكث والإقامة. انظر المقري: أزهار الرياض، ج ١، ص ٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>