للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكبير" بتبيين أن المعاني أشرفُ من الألفاظ (ص ٦٨) (١)، وذلك مما خلا عنه "المثل السائر" (٢).

٢ - ثانيًا أنا نجد "الجامع الكبير" أحكمَ ترتيبَ أبوابٍ من "المثل السائر"، وأقوى انتسابًا بينها في ترتيبِ بعضها على بعض. فانظر كلامَه في المعاظلة اللفظية والمعاظلة المعنوية في المثل السائر (ص ١٧٧ وص ١٨٦ طبعة بولاق) مع كلامه في ذلك في الجامع الكبير (ص ١٠٨ - ٢١١؟ وص ٢٣٠ - ٢٣١) (٣). وانظر أيضًا كلامَه عند تقسيم صناعة تأليف الألفاظ إلى ثمانية أنواع، وأن ثامنها هو نوع تكرير الحروف. ثُمَّ لَمَّا أخذ يفصلها أدمج نوعين - هما السجع والترصيع - في نوع واحد (٤)، فصارت سبعةَ أنواع، ولَمَّا بلغ إلى النوعْ السابع سماه المعاظلة (ص ١٧٧


(١) وفي ذلك يقول: "وينبغي أن يستسيقن المصنف، ويتحقق أن المعاني أشرف أضرف من الألفاظ؛ والدليل على ذلك ما أذكره: وهو أنا لو خلعنا من هذه الألفاظ دلالتها على المعاني، لما كان شيء منها أحق بالتقديم من شيء، بل كانت بمنزلة أصداء الأجسام والأصوات الناشئة عنها. ويزيد ما ذكرناه وضوحًا أن هذه الصناعة من النظم والنثر التي يتواصفها البلغاء بينهم، وتتفاضل بها مراتب البلاغة، إنما هي شيء يُستعان عليه بتدقيق الفكرة، وكثرة الروية والتدبر. ومن المعلوم أن الذي يستخرج بالفكرة ويُنعم فيه النظر، إنما هو المعنى دون اللفظ؛ لأن اللفظَ يكون معروفًا عند أرباب صناعة التأليف دائرًا فيما بينهم، والمعنى قد يُبتَدَعُ؛ فيذكر المصنف معنًى لم يُسبَق إليه". ابن الأثير: الجامع الكبير، نشرة هنداوي، ص ١٩٢.
(٢) يرى ابن الأثير أن آلات التأليف تنحصر في قسمين: قسم يشترك فيه النطم والنثر، وقسم يخص النطم دون النثر. ويشمل القسم الأول "سبعة أنواع: الأول معرفة علم العربية من النحو والتصريف والإدغام، الثاني معرفة ما يحتاج إليه من اللغة، الثالث معرفة أمثال العرب وأيامهم، الرابع الاطلاع على تأليفات من تقدمه من أرباب هذه الصناعة، المنظوم منها والمنثور، والتحفظ للكثير من ذلك، الخامس معرفة الأحكام السلطانية في الإمامة والقضاء وغير ذلك، السادس حفظ القرآن الكريم، والممارسة لغرائبه، والخوض في بحور عجائبه، السابع حفظ ما يحتاج إليه من الأخبار الواردة عن الرسول - صلى الله عليه وسلم -". أما القسم الثاني فيشمل "علم العروض والقوافي، الذي يقام به ميزان الشعر". الجامع الكبير، نشرة هنداوي، ص ١٢٨.
(٣) ابن الأثير: المثل السائر، ج ١، ص ٢٨٥ - ٢٩٦؛ الجامع الكبير، ص ٣٨٨ - ٣٨٩.
(٤) ابن الأثير: المثل السائر، ج ١، ص ١٩٥ - ٢٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>