للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تتم الأمور، وبسعة الأخلاق يطيب العيشُ ويكمل السرور". (١) وكتب إلى الإسكندر: "الأراذل ينقادون بالخوف، والأخيار بالحياء، فاستعمل في الأولَى البطشَ وفي الثانية الإحسان. ولْيكنْ غضبُك لا شديدًا ولا ضعيفًا؛ فإن ذلك من أخلاق السباع، وهذا من أخلاق الصبيان. وإذا أعطاك الله ما تُحبه من الظَّفَر، فافعلْ ما أحب الله من العفو". (٢)

واعلمْ أن مدارَ اعتبار تمام الصفات أن تكون منبعثةً من صفاء الباطن وإخلاص الطوية، كما يقتضيه اعتبارُ الملكة فيها. أما إذا كانت بحسب الظاهر فقط، فهو التخلق المذموم، وإياه يعني من يقول:

يَا أَيُّهَا المُتَحَلِّي غَيْرَ شيمَتِهِ ... إِنَّ التَّخَلُّقَ يَأْتِي دُونَهُ الْخُلُقُ (٣)


(١) جزءٌ من كلام طويل قيل إنه خطبة ألقاها أرسطو بين يدي الملك روفسطانيس. المصدر نفسه، ص ٩٦.
(٢) المصدر نفسه، ص ٩٩.
(٣) رواه الجاحظ بلفظ مختلف ضمن مقطوعة من ستة أبيات منسوبة لسالِم بن وابصة، يقول فيها:
يَا أَيُّهَا الْمُتَحَلِّي غَيْرَ شِيمَتهِ ... وَمَنْ سَجِيَتُهُ الإِكْثَارُ وَالْمَلَقُ
اعْمِدْ إِلَى الْقَصْدِ فِيمَا أَنْتَ رَاكِبُهُ ... إِنَّ التَّخَلُّقَ يَأْتِي دُونَهُ الْخُلُقُ
صَدَّتْ هُنيدَةُ لمَّا جِئْتُ زَائِرَهَا ... عَنِّي بِمَطْرُوفَةٍ إِنْسَانُهَا غَرِقُ
وَرَاعَهَا الشَّيْبُ فِي رَأْسِي فَقُلْتُ لَهَا ... كَذَاكَ يَصْفَرُّ بَعْدَ الْخُضْرَةِ الْوَرَقُ
بَلْ مَوْقِفٍ مِثْلِ حَدِّ السَّيْفِ قُمْتُ بِهِ ... أَحْمِي الذِّمَارَ وَتَرْمِينِي بِهِ الحدَقُ
فَمَا زَلَلْتُ وَلَا أُلْفِيتُ ذَا خَطَلٍ ... إِذَا الرِّجَالُ عَلَى أَمْثَالِهَا زَلِقُوا
البيان والتبيين، نشرة بعناية موفق شهاب الدين (بيروت: دار الكتب العلمية، ط ٢، ١٤٢٤/ ٢٠٠٣)، ج ١/ ١، ص ١٦١ - ١٦٢. ورواه ابن قتيبة مع بيتين آخرين - ليسا مما أورده الجاحظ - باللفظ نفسه الذي جاء عنده، ونسبه للعرجي عبد الله بن عمر. الدينوري، أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة: الشعر والشعراء أو طبقات الشعراء، تحقيق مفيد قميحة ومحمد أمين الضناوي (بيروت: دار الكتب العلمية، ط ٢، ١٤٢٦/ ٢٠٠٥)، ص ٣٥٢ - ٣٥٣. وأورده المبرد عن أبي زيد القرشي دون نسبة، مع بيت آخر غير ما ذكره الجاحظ وابن قتيبة، وهو: =

<<  <  ج: ص:  >  >>