للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال محمد بن هانئ مادحًا:

غَنِيٌّ بِمَا فِي الطَّبْعِ عَنْ مُسْتَفَادِهِ ... لَهُ كَرَمُ الأَخْلَاقِ دُونَ التَّكَرُّمِ (١)

وعنوانُ الحقيقة ظهورُ السرور والبشر عند التلبس بتلك الصفات؛ فإن الظواهرَ عنوانُ البواطن. ومن هنا لمَّا سئل سَلّام بن أبي مطيع (٢) عن حسن الخلق أنشأ يقول:

تَرَاهُ إِذَا مَا جِئْتَهُ مُتَهَلِّلًا ... كَأَنَّك تُعْطِيهِ الَّذِي أَنْتَ سَائِلُهْ (٣)

فلم يعتبر الإحسانَ من حسن الخلق إلا مع التهلل والبشرى الدالين على طيب الباطن. وقد أجاد ابنُ الرومي مفصِحًا بطريقة سَلّام (٤) مع بيان الدليل، فقال:


= وَلَا يُؤَاتِيكَ فِيمَا نَابَ مِنْ حَدَثٍ ... إِلَّا أَخُو ثِقَةٍ فَانْظُرْ بِمَنْ تَثِقُ
المبرد، أبو العباس محمد بن يزيد: الكامل في اللغة والأدب، تحقيق عبد الحميد هنداوي (بيروت: دار الكتب العلمية، ١٤٢٤/ ٢٠٠٣)، ج ١، ص ٤٤.
(١) الأندلسي، محمد بن هاني الأزدي: ديوان ابن هانئ الأندلسي، تحقيق كرم البستاني (بيروت: دار بيروت، ١٤٠٠/ ١٩٨٠)، ص ٣١٦. والبيت من قصيدة يمدح فيها ابنُ هانئ المعز لدين الله الفاطمي، وهي آخرُ قصيدة بعث بها من إفريقية إليه بالقاهرة.
(٢) هو سلام بن أبي مُطيع، أبو سعيد الخزاعي، مولاهم البصري. إمام، ثقة، قدوة. حدث عن قتادة، وشعيب بن الحبحاب، وأيوب السختياني، وعثمان بن عبد الله بن موهب، وهشام بن عروة، وأبي عمران الجوني، وأسماء بن عبيد، وآخرين. وحدث عنه عبد الله بن المبارك، وعبد الرحمن بن مهدي، وسعيد بن عامر الضبعي، ويونس بن محمد، وسليمان بن حرب، وعلي بن الجعد، وموسى بن إسماعيل، وغيرهم كثير. وثقه أحمد بن حنبل وأبو حاتم الرازي، واحتج به البخاري ومسلم. مات وهو مقبل من مكة سنة أربع وستين ومائة، وقيل سنة ثلاث وسبعين وهو الراجح.
(٣) ديوان زهير بن أبي سلمى، نشرة بعناية علي حسن فاعور (بيروت: دار الكتب العلمية، ١٤٠٨/ ١٩٨٨)، ص ٩٢. والبيت من قصيدة طالعها: "صَحَا القَلْبُ عَنْ سَلْمَى وَأَقْصَرَ بَاطِلُهْ"، وهي من بحر الطويل، قالها زهير في التواعد بالحرب بين عمرو بن هند وحصن بن حذيفة، ثم عدول عمرو عن ذلك وقد أوشك الطرفان على اللقاء.
(٤) الإشارة هنا إلى طريقة سلام بن أبي مطيع بإنشاد شعر زهير في الجواب عن السؤال عن حسن الخلق.

<<  <  ج: ص:  >  >>