للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولهم في ذلك أحاديث وقصص، قال الشيخ ابن عطية في تفسيره: "وقد رُويت في ذلك أقاصيص ضعيفةُ الإسناد تركتُ ذكرَها"، (١) وقال الفخر: "أنكر ذلك الباقلاني". (٢) وعلى هذه القصص بنَى المعري قولَه:

وَقَدْ بَلَغَ الضُّرَاحَ وَسَاكِنِيهِ ... نَثَاكَ، وزَارَ مَنْ سَكَنَ الضَّرِيحَا (٣)

أما السدي فقال: كانت الكعبةُ "أولَ بيت وُضع في الأرض"، (٤) ولم يلتفت إلى ما كان قبل ذلك من البنيان. وهذا القول غير مستقيم، فقد كانت قبل إبراهيم مبانٍ كثيرة، منها صرحُ بابل بني بعد الطوفان، ومنها بيتُ الأصنام في بلد الكلدان وهو البيت الذي دخله إبراهيم وكسر الأصنام التي فيه، كما أشار إليه القرآن وورد بيانُه في الحديث الصحيح. (٥)


(١) أورد المصنف كلام ابن عطية مختصرًا، وتمامه: "ورويت في هذا أقاصيص من نزول آدم من الجنة، ومن تحديد ما بين خلقه ودحو الأرض، ونحو ما قال الزجاج من أنه البيت المعمور، أسانيدها ضعيفة، فلذلك تركتها". المحرر الوجيز، ج ١، ص ٤٧٤. وكذلك قال الراغب الأصفهاني: "ومنهم من قال: أولُ موضع اتخذته الملائكةُ قبلة في الأرض، وروى في ذلك أخبارًا، وهذا لا يقتضيه الظاهر؛ لأنه قال: {وُضِعَ لِلنَّاسِ} فخُصَّ بالناس". تفسير الراغب الأصفهاني (من أول سورة آل عمران وحتى نهاية الآية ١١٣ من سورة النساء)، تحقيق عادل بن علي الشدي (الرياض: مدار الوطن، ١٤٢٤/ ٢٠٠٣)، ج ١، ص ٧٣٠ - ٧٣١.
(٢) ليس هذا كلام الرازي بحرفه، وإنما هو مؤداه. الرازي: التفسير الكبير، ج ٤/ ٨، ص ١٢٦.
(٣) المعري، أبو العلاء: سقط الزند، نشرة بعناية أحمد شمس الدين (بيروت: دار الكتب العلمية، ط ٢، ١٤٢٨/ ٢٠٠٧)، ص ٦١. ومعنى النثا، ما أُخبِر به عن الرجل من حسن أو سيئ، وقصد الشاعر هنا الذكر الحسن لممدوحه. والبيت من قصيدة من بحر الوافر اسمها "تبوح بفضلك الدنيا"، كتبها المعري جوابًا للشريف أبي إبراهيم موسى بن إسحاق، وطالعها:
أَلَاحَ، وَقَدْ رَأَى بَرْقًا مُلِيحًا ... سَرَى، فَأَتَى الْحِمَى نِضْوًا طَلِيحَا
(٤) وهو كذلك قول قتادة. الطبري: جامع البيان، ج ٥، ص ٥٩٢.
(٥) انظر ذكر القرآن لذلك في: الأنبياء: ٥٧ - ٥٨؛ الصافات: ٩١ - ٩٣. وانظر ما رواه الطبري في ذلك عن السدي في: جامع البيان، ج ١٦، ص ٢٩٥ - ٢٩٧؛ تاريخ الرسل والملوك، ج ١، ص ٢٣٧ - ٢٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>