٣ - ومنها بئر زمزم الذي تواتر عند العرب أن الله فجره لهاجر لما ظمئت وظمئ ولدُها إسماعيل.
٤ - ومنها أن البيت هو الأثر الوحيد المقطوع بأن إبراهيم أقامه هنالك؛ لأنه لمَّا أقامه أقام له أهلَه شهداء عليه، وتناقلته الأجيال بالتواتر. وهذا لا يوجد في أثرٍ آخر من آثار إبراهيم - عليه السلام -، بل كلُّها قد اندثرت، وما تعين موضعُ بيت المقدس إلا بوحيٍ وخبر.
وإن كانت الظرفيةُ مجازية، فالمعنى أنه اشتمل على دلائل الوحدانية والرسالة بالدلائل المحسوسة التي ذكرناها، وبما علمناه مما حدث فيه من المعجزات لإبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، ومعجزات محمد - صلى الله عليه وسلم - مثل شق صدره والإسراء به، ونزول الوحي عليه، وعصمة الله تعالى إياه من أعدائه - كلُّ ذلك كائنٌ فيه وحواليه. وبما لم نعلمه من المعجزات والأسرار الواقعة فيه بين الله ورسله، مما لا يعلمه إلا الله ومَنْ أطلعه من خاصة عباده.
(١) هذا البيت من قصيدة لامية تنسب لأبي طالب، وهي تحتوي على مائة وأحد عشر بيتًا في رواية أبي هفان عبد الله بن أحمد الْمِهزمي من عبد القيس، ومن مائة وخمسة عشر بيتًا في رواية أبي البشر. وقد جاء البيت في الديوان بلفظ "وَطْأَةً" بدل "قَائِمًا"، وما أورده المصنف مطابق لما جاء عند ابن كثير. ديوان أبي طالب بن عبد المطلب، صنعة أبي هفان المهزمي البصري وصنعة علي بن حمزة البصري التميمي، تحقيق محمد حسن آل ياسين (بيروت: دار ومكتبة الهلال، ط ١، ١٤٢١/ ٢٠٠٠)، ص ٧٢ و ١٩١؛ ابن كثير: البداية والنهاية، ج ١، ص ٣٧٧.